بزواج صديقتها من حبيبها كليف صولوي، وهو موشك أن يصل من كندا، بل هو واصل منها غداً بعد غياب عشر سنوات
ما كان أطولها ليلة مملوءة بالهواجس، مزدحمة بالوساوس، عاجَّةَ بالأفكار، هذه الليلة التي تقلبت فيها ديانا على فراش القلق وما كان إلا من ديباج. . . وما كان أشقاها بهذا الشوك الذي يخز جسمها الغض، وما لبست إلا شفا أنعم من خدود الورد. .
لقد باتت تفكر في الـ (هـ. بلندل) وأولئك العمال الكثيرين الذين أصبحت هي ضرورة لهم، وهؤلاء العملاء الذين يصبون أنهار الذهب في خزائنها. . . وتلك الأبهة وهذه العظمة. . . والحياة العالية الأرستقراطية المحفوفة بالوقار. . . ثم تنتقل من كل ذلك إلى هذا المنفى السحيق وراء الأطلنطيق في ذاك المرج النائي المهجور. . . ولكنها كذلك كانت تفكر في حبيبها صولوي القسيم الوسيم فتذكر أحلام الصبا وأفاويق الشباب وموسيقى القبل، وتذكر أيضاً أنه زوجها الذي ارتبطت به برباط السماء العلوي المقدس. . . وتذكر فوق ذلك جميعاً أنها لا تستطيع الحياة بغير صولوي كما لا يستطيع صولوي الحياة بدونها. . . وهنا تتحير وترتبك، وتسبح في بحر لجي تتقاذفها أمواجه فتعلو بها وتسفل
وتنظر إلى رأسها في المرآة فلشد ما تذهل وتراع! لقد رأت أولى شعراتها البيض نذيراً صارخاً من مارد الشيب الجبار يؤذن بخاتمة الثلاثين. . . فتزعج وتنزعج. . . وترسل في المرآة آهة تغطيها بضبابة تستر ما افتر باسماً ساخراً من شيبها!.
ولبثت ترهف أذنيها لرنين جرس الباب. . . فقد دنا موعد وصول صولوي. . . ولم تشأ أن تنزع الشعرة البيضاء، بل آثرت أن تتركها حيث هي ليشهد حبيبها حقيقة ما كان. . . وهي بذلك قد سخرت من نذير الشيب الذي شاء أن يسخر هو منها. . .
ورنَّ الجرس. . . وأهرعت إلى الباب فتلقت حبيبها ملء ذراعيها، وضمها هو إلى صدره الواسع الرحب بذراعين مفتولتين جبارتين، لم تكونا له قبل أن يرتحل إلى كندا، ثم انحنى على الفم الرقيق المرتجف يقبله، وما كاد يفعل حتى قاومت ديانا. . . وجاهدت حتى انفلتت من صولوي، وفرت منه إلى ركن الردهة القصي! ووقفت ثمة تحدجه، وتقلب فيه عينيها الثاقبتين!
لقد كبر صولوي وتغيرات معالم شبابه! ما هذا الصدر العظيم والعضل المكتنز والوجه ذو