الأسارير؟ وعيناه؟ أين زرقة السماء التي كانت تختلط بخضرة الأطلنطيق؟ وأين هذا الكوكب الدري الذي كان يتألق في أغوارهما فيرسل منهما بريقاً أي بريق؟ وما هذه الملابس الغليظة الخشنة والحقائب الثلاث البالية؟ وما هذه السحب الكثيفة من دخان التبغ يرسلها صولوي فيتلف بها سماء الحب القديم الصافية. . . لقد وقف كليف المسكين، وقد أشعل لفافته ينفث الدخان من فمه! فيتلف على ديانا أخيلتها، ويمسخ أمانيها. . .
ثم انفجرت ضاحكةً وانفجر ضاحكا
- أوه! حبيبي! هلم! أدخل أولا! لقد شببت!
- أجل يا حبيبتي! هَيَّا. . . لقد أحضرت كنوزي لأضعها بين يديك. . .)
وانحنى صولوي فحمل الحقيبتين الكبريَيْن، وحملت ديانا الحقيبة الصغرى، حتى إذا بلغت غرفتها الفخمة التي تدير منها أعمال شركتها، لم يلبث كليف أن قال:
- حبيبتي، إني لا أطيق أن أنظر إلى هذه الغرفة ما لم تكوني أنتِ فيها!)
وفهمت ديانا ما يقصد صولوي أن يقول، فقالت له. . .
- لا عليك، فسنصعد سوية إلى الطابق العلوي يحملنا؛ إذ لا أحد معنا يحمل هذه الحقائب المثقلة عنا. . .
ومضيا في سبيلهما صعدا، وظلت ديانا تنظر إلى بعلها الذي كان يبدو كأنما تقدمت به السن عشراً على عمره، بينما كانت تبدو هي، برغم الشعرة البيضاء، كأنما تأخرت بها السن عشراً عن عمرها. . . وظلت كذلك تفكر فيما قال عن غرفة إدارتها. . لقد أحست أن روحه نفرت من هذه الغرفة التي بعثت الكبرياء والعجب في نفسها، وهذا أقل ما تفعله فترة من الزمان قدرها عشر سنوات
- هذه غرفة الخادمة يا صولوي. . . لقد ذهبت لتمضي الليلة عند أهلها
وفتحت باب الغرفة فدهش صولوي لما فيها من أثاث ورياش. . . وعجب كيف يغطي سرير خادمة هذا اللحاف الإيطالي الموشى، وكيف تزين أركان غرفتها هذه الأصص الفاخرة من السوسن المصنوع الجميل!
- أما تلك فغرفتي. . . أنظر. . . أتراها جميلة؟
ونظر صولوي فذهل. . . وسرعان ما ذكر أيامه القريبة بمرجه القفر في فلوات كندا،