وكوخه الموحش الخشن ذا السرير الحديدي الصدئ، والأرائك البالية، التي ظل يتقلب فوقها طوال عشر سنوات، لا يفكر في زخرفتها وتوشيتها! ووضع يديه في جيبيه خاشعاً وقال:
- أحسب أنه آثر لدينا أن نستأجر خصاً في ريف لندن فنعيش فيه شهراً قبل أن نحضر إلى هنا. . . ألا توافقين؟)
وفهمت ما يريد أن يقول هذه المرة أيضاً فقالت:(ما أجمل أن يكون هذا. . .!)
وحان موعد العشاء، فذهبت به إلى حجرة الطعام الغنية الحافلة، حيث راعته المائدة النظيفة الناصعة، التي صُفت فوقها الأطباق والأكواب وكؤوس الخمر، وقوارير البلور، وملاعق الفضة ذوات الطنين وذوات الرنين. . . وأكلا. . . ودار بينهما هذا الحديث:
- لن تمضي خمس سنوات يا ديانا حتى يكون لك القصر الذي حلمنا به في مرجنا الواسع الجميل. . . لقد اشتريت لك حصاناً يا له من حصان. . . وأسميته هصار. . . وستروقك منه قوائمه البيض التي تشبه جوربات الربيع. . . إنني إذن أستطيع أن أعين وكيلا عني فنقضي نصف كل سنة في إنجلترا كما أشرت!)
وكانت صدمة لروح ديانا هذه السنوات الخمس. . . هذه الحلقة الأخرى من الزمان الطويل اللانهائي. . . ولمه؟ أليست هي الآن في رغد من العيش؟ ما الذي يقسرها على ذلك المنفى البعيد الموحش الخشن؟ إذن، فلتصارحه!
وروت ديانا قصتها، وكادت تجلس كأفروديت الساحرة على عرش جمالها، ثم طلبت إليه، أو أومأت إليه، أنه ينبغي أن يهجر مرجه ليعمل معها في الـ (هـ. بلندل): فقال صولوي واجماً: (سأنظر في هذا. . . سأنظر!) ثم عبس وبسر، وغاب من عينيه هذا الملاك الكريم الحالم، وأطل مكانه شيطان رجيم مارد، ثم قال:(طبعاً. . . إنك لن تتركي كل هذه الدنيا التي تلفت حواليك لتذهبي معي إلى أمريكا فتبني لي عشاً هناك. . .!) وكان روح الازدراء تتدفق في لهجته المرة، فروعت ديانا وقالت تجيبه:(ماذا يا صولوي! اهدأ ماذا أصابك؟ إني لم أرد أن أسوءك؟) لكن صولوي لم يهدأ، بل زادت ثورته، واشتدت حدثه، فقالت ديانا: (تالله يا صولوي إن كل هذه الدنيا التي تحيط بي لا تهمني. . . أنظر. . . أترى هذه الصورة الصينية الفاتنة؟ إنها أثر قيم اشتريته بالمئات. . . وصديقتي تام تقدر عمرها