للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتعبس الفتاة وتقول شاكية: (أوه يا أبي! ولكني لا أستطيع أن أحبه. . . هل ضقت بي ذرعاً يا أبي فتريد أن تقذف بي ولما أستمتع بعد بشبابي؟! دعني أعش معكم قليلاً يا أبتاه! دعني أستمتع بالشباب الحلو، وأهنأ بأفاويق الصبا الغريض!

وأتقد عينا الأب الجشع بالغضب، وهم أن يبطش بزبيدة المسكينة التي تقدمت في سذاجة وخوف، فطوقت أباها بذراعيها اللدنتين، وأسندت رأسها الصغير إلى صدره الكبير، وانطلقت تبكي

- أسكتي يا ابنتي! إن الفتاة العاقلة المهذبة هي التي لا تضطر أباها إلى أخذها بالشدة، بل ما على الوالد إلا أن يأمر، وما عليها إلا أن تطيع. إنني لست كهؤلاء الآباء الذين نشأوا أبناءهم على احترام العصا، ولكنني أرجو ألا أضطر إليها إذا ركبت رأسك ولم تصيخي ولم تسمعي!

وأزلزل قلب الفتاة، وذكرت ما كان يعاملها أبوها به من اللطف والظرف والرقة والرفق، وأنه ما ساءها قط بضرب ولا تأنيب، وأنها، وما تزال، كانت كل شيء له في هذه الحياة، لأنه لم يكن له ولد غيرها، وأنه طالما جلب لها اللعب، وترضاها بالدمى. . . فسكنت وقالت: (عفواً يا أبي. . .) وسر الرجل التاجر، وقبل أبنته وقال: (الآن أنت ابنتي حقاً. . . أنت زبيدة المؤدبة المهذبة المطيعة. . . غداً يحضر صادق علي فينثر ذهبه تحت قدميك، ولا يمضي شهر حتى تزفي إليه

وكان لزبيدة خادمة نوبية أبنوسية السواد، وكانت بها حفية وعليها عطوفا، فأهرعت إليها زبيدة تقول:

- فاطمة! فاطمة! هل علمت؟ لقد أمر أبي أن أتزوج من صادق علي العجوز الغني الأرمل الذي سنه أضعاف سني؟! وهو يقول إنني سأزف إليه قبل شهر، فهل رأيت؟ آه يا فاطمة أنا لا أطيق هذا! ساعديني بربك حتى أنجو من هذا العذاب

- آه يا صغيرتي العزيزة! لا بد أن تتم مشيئة أبيك! حقاً إن صادق علي رجل عجوز أرمل، ولكنه غني واسع الغنى، وستنعمين عنده بما لا تحلم به فتاة!

فجحظت عينا زبيدة، وقالت للنوبية المشئومة:

- حتى أنت يا فاطمة! وسري الذي ألقيته إليك أمس؟ هل نسيته؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>