الفضة والشونة المزدوجة إشارة إلى الشونة الملكية، كذلك نسمع عن كنوز الإله أي الملك وكنوز ملك الوجه البحري (وهذا من غير شك لقب قديم ظل بعد اتحاد القطرين) ونقرأ أيضاً عن مراقبي بيت الفضة ومخازن الغلال. ويرجح أن تجزئة إدارة القطر المصري بين وجهيه لم تذهب إلى أبعد من التجزئة الاسمية، وقد حافظ المصريون على هذا الازدواج الاسمي في مصالح الحكومة، مع أن وجهي مصر انضما معاً تحت إدارة واحدة، وإنما فعلوا ذلك احترماً للقديم الراسخ في الأذهان ولكن بالرغم من أن الملك اضطر أن يتنازل عن بعض وظائفه إلا انه ظل ملكاً مطلقاً.
من السهل أن نتبين مزايا هذا النظام وعيوبه، فمتى كان فرعون قوياً يمكنه أن يضع حداً لمطامع الأمراء فالنظام سليم لأن الحكومة في كل إقليم كانت في يد أشخاص خبيرين بالشئون المحلية. أما إذا كان الملك ضعيفاً فان تلك السلطة الهائلة التي يتمتع بها الحكام المحليون تصبح خطراً على الدولة يهدد كيانها، ولهذا السبب عينه يرجع سقوط الدولة القديمة في نهاية الأسرة السادسة ثم إغارة الآسيويين أثر ذلك على الدلتا فقد أخذت قوة الأمراء تزداد تدريجياً على حساب الملكية.
والآن علينا أن نسأل كيف كان نظام المجتمع في ذلك العصر؟
الملك وبلاطه
كان على رأس الدولة الملك وبلاطه، وقد كونوا بيروقراطية كبيرة تهتم بالألقاب اهتماماً عظيماً فنرى ألقاب البعض يقرب عددها من الثلاثين أو الأربعين اغلبها لا معنى له، وبجانب هذه البيروقراطية المركزية نجد بيروقراطية أخرى مشابهة لها في قصبة كل إمارة، وكان لكثير من هؤلاء الموظفين أملاك واسعة في ولاياتهم.
الفلاحون
يفصل الموظفين عن الفلاحين بون شاسع، لان هؤلاء كانوا يشتغلون كعبيد في مزارع الملاك، يحرثون الأرض ويروونها، ويتعهدون الماشية والأغنام، ولا نسمع عن وجود طائفة وسطى بين الطبقتين الآنفتي الذكر؛ فإن كان هناك طبقة من هذا النوع - ولابد أن التجار وأصحاب المهن والحرف كونوا طبقة - فإنها لم تكن غنية بدرجة تكفيها لأن تفاخر