بثيابي ورأيت أني تجددت؛ وأما ليلى فقد غضبت أشد الغضب وأعلنت أن الخروج بهذه الثياب ينافي الحياء. وفي الحق أن ليلى بدت في تلك الثياب كالحورية الهاربة من الفردوس، فقد كان يجب أن تمشي في الجادة وهي سافرة الوجه، وكان الثوب المصري يكشف بعض الطلائع من صدرها الجميل. ولو رأيت ليلى في تلك الساعة وهي غاضبة لرأيت العجب العجاب، فقد توهمت المجنونة أن الشبان المصريين سيخطفونها حين تقع أبصارهم على حسنها المرموق، وبلغ بها الوهم أن تزعم أن خطفها سيكون فضيحة للعراق
وعندئذ قهقهت ربة البيت وقالت:(اسمعي يا ليلى، إن المصريات لا يخرجن إلى الشارع بهذا الثوب وإنما يلبسن فوقه المعطف. فسكنت ليلى قليلاً، ثم لبست المعطف فوق الفستان، ونظرت في المرآة فرأت أن حالها مقبول، ولم تر بأساً من الخروج بهذه الصورة لرؤية المعرض)
- ثم ماذا؟
- وخرجنا فعبرنا جسر قصر النيل
- هو اليوم جسر إسماعيل
- أفادك الله!
- يا مضروبة، هل تخرجت في الأزهر الشريف!
- دخلنا المعرض، أو دخلت أنا ثم تبعتني ليلى، وقد كانت على غاية من التهيب والاستحياء، ثم رأينا أفواجاً من الشبان قيل إنهم طلبة الجامعة المصرية وعلى رأسهم أستاذ يشبه سيدي الطبيب
(وهنا ابتسمت ابتسامة خفيفة لأنه لا يبعد أن أكون ذلك الأستاذ، فقد كنت صحبت جماعة من تلاميذي لزيارة المعرض، فيهم إبراهيم رشيد وإبراهيم نصحي ومحمود سعد الدين الشريف ومحمود محمد محمود ومحمد عبد الهادي شعيرة ومصطفى زيور وعزيز عبد السلام فهمي ومحمد حمدي البكري وعبد الحميد مندور ومحمود الخضيري، ويسرني أن أقول إنهم أصبحوا اليوم رجالاً يتشرفون بخدمة الوطن الغالي. ثم شعرت بحسرة لاذعة حين تذكرت أنه كان يمكن الفرار من أولئك الطلبة الشياطين لرؤية من في المعرض، ولعلني كنت أعثر بليلى فأصبح من أقطاب الشعراء، ولكن ما فات فات فاقتل نفسك إن