توجهت نحو المشهد العلم الفرد ... على اليمن والتوفيق والطائر السعد
تزور أمير المؤمنين فيا له ... ويالك من مجد منيخ على مجد
فلم يُر فوق الأرض مثلك زائراً ... ولا تحتها مثل المزور إلى اللحد
وفيها يقول:
أمولاي: مولاك الذي أنت ربه ... إليك على جور النوائب يستعدي
وهذي يدي مدت إليك بقصة ... أعيذك فيها من إباء ورد
أتاني شتاء ليس عندي دثاره ... سوى لوعة في الصدر مشبوبة الوقد
فلو أن برد الجلد عاد إلى الحشا ... وفار الحشا الحران مني على الجلد
أزيحت لنفسي علتاها فأعرضت ... عن البث والشكوى إلى الشكر والحمد
وداويت داءي النقيضين ذا بذا ... أعدل إفراطاً من الضد للضد
ومنها:
فلا تبعدني عنك من أجل عثرة ... فإن جياد الخيل تعثر إذ تخدى
ولو كنت تنفي كل من جاء مخطئاً ... إذن لعممت الناس بالنفي والطرد
ومن زلّ يوماً زلة فاستقالها ... فذاك حقيق بالهداية والرشد
توالت شني أربع ومدامعي ... لها أربع كالسلك سل من العقد
أحوم إلى رؤياك كيما أنالها ... حيام العطاش الناظرات إلى الورد
ويبدو لي أنه أفرج عنه عقب هذه القصيدة، ولكنه ما سلم حتى ودَّع، وما هنئ حتى ووسى؛ إذ قبض عليه مرة أخرى عندما فتح بغداد للمرة الثانية بعد أن استشفع لديه قبل وصوله إليها بأبي سعد بهرام بن أردشير، وسأله أن يذكره لدى عضد الدولة، ويقيم له عذره، ويوضح له أمره؛ فكان جواب عضد الدولة العفو والمغفرة في كتاب طويل منه: (ومن كانت به حاجة إلى إقامة معذرة، واستقالة من عثرة، أو الاستظهار في مثل هذه الأحوال بوثيقة، فأنت مستغن عن ذلك بسابقتك في الخدمة ومنزلتك من الثقة، وموقعك لدينا من الخصوص والزلفة). ومنه: (فاسكن إلى ذلك واعتمده، ولك علينا - الوفاء به - عهد الله وميثاقه، وقد حملنا أبا سعد - أعزه الله - في هذا الباب ما يذكره لك. والله نستعين على النية فيه وهو حسبنا).