يعترض على زينون فيمشي ويقول: يا أستاذ؛ هاأنذا أمشي فلم تنكر الحركة؟
وقد بقيت هذه الأدلة إلى زمان (ليبنيز و (ديكارت على بساط البحث، ولكن (هنري برغسون رد عليه ردوداً كثيرة؛ كما أن حساب ليبنيز (النهاية الصغرى) ليس هو إلا رداً على زينون وأدلته الفاشلة. هذا وإن فيثاغورس وأفلاطون وتلاميذه يقررون أيضاً أن الوجود الحقيقي ليس وجود الأشياء المحسوسة بل هو وجود المعقولات فقط؛ لذلك فإن رجال الكهف (كهف أفلاطون) أي الناس كافة لا يرون إلا خيالات حقيقية. فقيمة العالم الخارجي في نظر أفلاطون الذي يعد في طليعة الخياليين هو هذه الخيالات. وقد أعطى أفلاطون للمعقولات وجوداً بالنسبة للعالم الخارجي المحسوس. لذلك فإنه يسمى خيالياً وجودياً.
أما في العصر الحاضر فقد ظهر أناس دافعوا عن الخيالية أمثال فيخته وهيكل. ولكن (بركليس) أخذ مذهب الخياليين وقال بعدم وجود العالم الخارجي مستنداً في تحليله إلى المعرفة التي توجد عندنا عن العالم الخارجي، ولكننا نعلم أن هذه المعرفة الموجودة فينا ناشئة عن الإحساس؛ وقديماً قال أرسطو: الإحساس أول العلم. فهذه الاحساسات التي هي أول العلم وأساسه هي شخصية وكيفية؛ ومجموع صفات الأجسام يمكن أن يرجع بالنسبة إلينا إلى هذه الاحساسات التي لولا وجودها عندنا لما استطعنا أن نطلع على الأجسام. فالجسم إذن هو مجموع احساسات إذا حذفت لا يبقى من الجسم شيء. يقول (بركليس) إنني لا أعرف الجوهر ولكني أعرف العرض. وهل ندرك الأعراض إلا بالاحساسات. فالاحساسات هي تغيرات نفسية تتأثر من الجوهر وتجعلنا ندرك الأعراض الناشئة عنها.
وقد قسم (بركليس) الأخوال الناشئة في الذهن والصفات الموجودة في الأجسام إلى قسمين: (١) الصفات الثابتة كالحرارة والطعم والنور (٢) الصفات الأولى كالامتداد والمقاومة اللذين لا تدركهما إلا مصحوبين بصفات ثابتة مثل الحرارة والنور والطعم. فالأجسام كلها تستحيل إلى هذه الصفات الأولى والثابتة. ونحن لا ندركهما إلا بالاحساسات - كما تقدم - فكثير من معلولات النفس يبين لنا أن الإدراك والوهم متعاونان في الطبيعة وأنه لا يمكننا تمييز إحداهما عن الآخر. أضف إلى ذلك أننا عندما ندرك العالم الخارجي لا نستطيع في محاكمتنا أن يحصل عندنا منه إلا فكرة، والفكرة هنا كل الحقيقة. لذلك فأننا لا نمتزج في