للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مرمر الذراعين اللدنتين، وطرف الثوب عن جزء من الساقين الجميلتين، فيجن جنون النبيل الجليل!

وفي الحق. . . لقد خفق قلب ماري هو الآخر، لأنه أحس بما ينبعث من عيني الرجل من الصبوة والشغف. . . وما كان يسيل في ألفاظه من الرقة والضراعة، وإن لم يعبر عنهما إلا بهذا الروح الذي يفهم من غير أن يرسم!!

ووثب الرجل من فوق جواده، ووقف قريباً من ماري، ثم راح ينظر في الأفق ويتعاشى ويقول:

- (أجل. . . هاهي ذي أبراجه! ولكن أنى لي أن أهتدي إليه في غابتكم المضلة. . . تعالي يا صغيرتي فدليني عليه. . . إني أخشى أن أبيت ليلي في الغابة مع أرانبكم وثعالبكم!

- (بكل سرور يا سيدي. . . لا أحب إلى من أن أفعل. . . هلم!

- وهذه العنزة؟ أتتركينها هنا؟

- (أوه! إن مارجوت ستنتظرني هنا يا سيدي! وأين تذهب ما لم أعد إليها. . . ثم هي مربوطة مع ذاك!

- (إذن هلمي!

وانطلقا نحو السفح، ثم مضيا في طريقهما. . . هي إلى جانبه، أو في ظله! وهو، وحصانه من ورائه، ينظر صامتاً. . . ساكناً.

وفكرت ماري في اللهجة التي كان يكلمها بها فشاع فيها نوع من الزهو، ثم اتسع خيالها فوثقت أنه أحبها، بل هو يكاد يعبدها، وكان هذا الإحساس يملأ الدنيا في عينيها سعادة، وفي قلبها بهجة. . . وعرفت من ثيابه ومن منطقه أنه ليس من هذه الجهة من جهات فرنسا. . . قد يكون ضيفاً على آل فيروفلاي. . . على كل حال هو ليس من هذا الإقليم. . .

وأخذ الرجل يخلق الأحاديث ليسمع صوت ماري. . . هذا الصوت الموسيقي العذب الذي كان يملأ سمعيه وينفذ إلى أعماق قلبه كأنه رنين القُبل! وكانت هي تجيب في ظرف وتيه وأدب، فتخلب لب الرجل، وتذيب نفسه الوامقة بما تكسر من مخارج الكلمات، وما توشي في أواخر الجمل، كأنها الربيع الفينان ينثر وروده ورياحينه في أكناف الحديقة!!

<<  <  ج:
ص:  >  >>