وقال ذلك أيضاً بعد أن صعد آهة عميقة كادت تحرق بحرها صدره.
- ماري. . . ماري يا سيدي!
- ماري! ماري! وحسب!؟
- ماري كابوش يا سيدي!
- ماري كابوش. . . حسن جداً! ماري كابوش اسم جميل ظريف، بيد أنني سأطلق عليك من الآن اسم (زهرة الغابة!).
ثم تقدم فأخذ رأسها الصغير في يديه المتخاذلتين، وطبع على جبينها قبلة عميقة حارة، استودعها كل أماني حبه، ثم دس يده في جيبه وقال:
- (والآن. . . تقبلي مني هذا القليل. . . من. . . الذهب. . . للذكرى. . . لا للفائدة!) ولما نظر في حافظته لم يجد بها إلا قطعة فضية واحدة. . . وحدجته ماري بعينين جريئتين ثم صاحت في رقة وحب:(أوه يا سيدي! ليست بي حاجة إلى نقود فأذكرك بها. . . إني سأذكرك إلى الأبد. . . لن أنساك!) وامتلأت عيناها بالدموع فجأة. . . وأحست بقلبها يرتعد ويخفق. . . وودت لو استطاعت فهربت في شعاب الغابة، لولا أنها نظرت إلى الرجل فوجدته مثلها ممتلئ العينين بالدموع. . . وصدره يعلو ويهبط، آية على ما فيه من مثل ما في قلبها!
- ليس في حافظتي إلا هذه. . . لتكن تذكاراً مني على كل حال!
- تذكار أحتفظ به إلى آخر رمق في حياتي يا سيدي!
- (أوه! دائماُ يا سيدي يا سيدي! ناديني باسمي المجرد يا ماري! أنا أُدعى هنري. . .! ليت لي مثل سنك يا ماري! ليت لي مثل سنك!).
- حسبك قلب مثل قلبي يا. . . هـ. . . هـ. . .
- هنري. . .! ماري. . . ماذا بك. . .
وجعلت الفتاة تبحث الأرض بعينيها مرة. . . وتحدق بهما في وجه هنري مرة أخرى. . . ثم تناول الرأس الصغير مرة ثانية فطبع عليه قبلتين حملتا سر قلبه، وودعها وهو يقول لها:
- هنا يا ماري يجب أن نلتقي الليلة بعد أن يشرق القمر! وأومأت ماري برأسها الصغير.