الأمراء إلى البلاط، وقبلت الملكة ووالدتها دعوته إلى حفلة شاي أنيقة أقامها في عيد ميلادها في قصره، وكانت الملكة الوالدة قد آمت من زوجها وكسرت شبابها على تربية ابنتها (ويلهلمينا) وتثقيفها وإعدادها للعرش إذ كانت ولية العهد والوارثة الوحيدة بعد أبيها وفي تلك الحفلة ظهر البرنس ألبرت أجمل مظهر وأبدعه وأروعه وكان فتى رشيق القد ممشوق القامة يختال في حُلة عسكرية فائقة. ولما علم بدنو موكب الملكتين (الوالدة والجالسة على العرش وهي التي زفت إليه بعد قليل) امتطى صهوة جواد سابح ينهب الأرض وراح يستقبل موكب المركبة الملكية، ولم تكن السيارات قد ملأت العالم كما هي الآن، فوقع من قلب الملكة الشابة خير موقع، ورنت إليه بعين الرضى والسرور حتى أنه أثناء الحفلة أوعز لأمه الأميرة بياتريس أن تلمح إلى الملكة الوالدة لتجس نبضها في الخِطبة فانتهزت الأميرة فرصة الرضى وفاتحتها، فابتسمت وقالت:(إن في أمور الدولة ما يشغلنا عن استعجال المتوقع، وفي انتظار الفرص ما يصرفنا عن استدراج البعيد) ثم أسرت لابنتها ما أسرت، فتهلل وجه الملكة الشابة التي ما زالت ترنو إلى الأمير وتخالسه النظر في إعجاب وحياء. وفي الواقع أن الأمير كان خير من يصلح للملكة على الرغم من إقبال الأميرات الأجنبيات عليه ومبالغتهن في إظهار ميولهن وأمانيهن بأن تكون واحدة منهن عروساً له. ولكنه كان عنهن منصرفاً لا يكاد يكترث لهن، فأولن ذلك بأنه لابد أن تكون لقلبه سيدة استأثرت باحتلاله وامتلاكه والتربع على عرشه. وكن في حديثهن صادقات
وكذلك كانت فئة كبيرة من الأمراء يعللون أنفسهم بحظوة القرب من الملكة الشابة والارتباط ببيتها المالك برابطة المصاهرة والنسب، ولكن والدتها ووزراءها والقيمين عليها كانوا يفضلون أميراً من خلاصة الشعب وسلالته كما فعل جلالة مليكنا المحبوب أعزه الله
وكانت ويلهلمينا الملكة الشابة في السابعة عشرة من عمرها. كان يضيء محياها الجميل عينان زرقاوان براقتان كأنهما نبعان من ينابيع ماء الحياة، ومن العجب أن ترى جذوة النار في زرقة البحر! ولها من شعرها الأصفر البراق ضفائر يضل النظر في استحسان دقتها وغزارتها، وقد صدق من وصفها بأنها تمثال فاتن من صنع الإغريق بقي مكنوناً في صميم صدر الدهر حتى كشفت عنه الطبيعة المنعمة، وأظهرته العناية الملهمة، فبدا ملكة على