للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأفئدة قبل أن تكون صاحبته ملكة على العرش!! وكانت وحيدة أمها، وولية العهد، وصاحبة التاج المرموق، الذي يهيمن على ستين مليوناً من البشر في شرق آسيا الجنوبي، غير خمسة ملايين من أهل بلادها الأصلاء وهي على جانب عظيم من الثقافة والغنى ومكارم الأخلاق وكرم النفس والوداعة والرحمة، على عكس ما قال الحاسدون، فكانت أمها وأقاربها ورجال حكومتها وأهل البلاط يبالغون في ترفيهها وتدليلها. وكان ينتظر من وراء ذلك وبسببه أن يكون لها على أهلها وحاشيتها وخدمها، وكل من لابسها وجالسها، فرط جرأة وتسحب؛ ولكن الأمر كان على العكس فقد كانت وادعة متواضعة، شديدة الحياء والإيمان والتوقير لكل كبير، جمة الحنين لذكرى أبيها الذي مات وتركها في المهد صبية، وكان يتمنى أن يسهر على تنشئتها فيشهد زفافها، ولكن توفاه الموت قبل أن يدرك غايته. وقد اختلفوا في البائنة التي قبضها (البرنس كونسورت) أي الصهر الملكي الذي أسعده الحظ بزواجها، فقيل مليون كورون ذهباً، وقيل مليونان. ولكن الصحيح أنه قبض ثلاثة ملايين وتسلم زمام إحدى الجزائر المملوكة للتاج بغير شريك وهي تدر خيرات كبرى من الزرع والضرع والكنوز

وبعد قليل من تلك المقابلة صار الأمير بمكانة الزوج المنتظر ولم تمض بضعة أشهر حتى تم الزفاف في مدينة لاهاي (ذي هاج) عاصمة هولندا. وكان ذلك في صيف عام ١٩٠٦. وقد قضى العروسان شهر العسل على شاطئ سكفيننجن وهي ضاحية الاستحمام والاستجمام تبعد عن العاصمة بضعة أميال. وكان عقد الزواج في هيكل القصر. ومن أبدع مظاهر زينته أولئك الفتيات القرويات ذوات الفتنة الضاحكة والسذاجة المستملحة وسحر البساطة المستعذبة اللواتي اشتهرن في أنحاء أوربا بجمالهن وعفافهن وميلهن للمداعبة البريئة. وقد رغبت الملكة الشابة أن يشتركن في زفافها، لشدة حبها لشعبها وعطفها على رعاياها ولا سيما من كان منهن في سنها ومن جنسها اللطيف

فكنت ترى بجانب جورج الخامس (وكان ولي عهد بريطانيا لأن الملك إدوارد السابع ورث العرش عن والدته الملكة فكتوريا) بثيابه الرسمية المرصعة بالجواهر والأوسمة الرفيعة، والسيف المحلى بالذهب والحجارة الكريمة، والحمائل العسجدية من المخمل الثمين وقد وضع على رأسه خوذة من الذهب الخالص وزانت وجهه لحية شقراء، وليوبولد الثاني

<<  <  ج:
ص:  >  >>