القيامة عروس الشعر والخيال، بل احفظها واجعلها شقيقة الفردوس يوم يلقى المخلصون جزاء ما يعملون! رباه! إن القاهرة هي الشاهد على أن اللغة العربية خليقة بالسيطرة في عالم العلم والمدنية. رباه! إن القاهرة من أجمل ما خلقت من المدائن فاجعلها كنانتك واحفظها من السوء حتى أعيش فيها عيش السعداء، وحتى يعيش فيها أبنائي وأحفادي وأحفاد أحفادي عيش النّضرة والنعيم، على وفاق وسلام مع جميع الأقطار العربية
كانت ليلى في زينتها، وكنت في عقلي!
وكان في نيتي أن أثير الجدل حول (قضية الأخلاق) التي اشتجرت فيها أقلام الخولي وعزام والزيات؛ وكنت أنوي أن أقرر أن المنافقين ينجحون باسم الأخلاق، فكيف لا ينجح بها الصادقون؟ وكنت أحب أن أقول أيضاً إن الثورة على الأخلاق كالثورة على الدين، فالذين يثورون على الدين لا يبغضونه من حيث جوهره، وإنما يحاربون الأبالسة الذين يسترون سوآتهم بتكلف الغيرة على الدين. وكذلك يثور على الأخلاق من يؤذيهم أن يغار المنافقون على الأخلاق. وكان من شهوة النفس أن أعلن في حضرة ليلى أن أهل البلادة يسترون تخلفهم بالأخلاق، فإذا رأوا رجلاً قوي القلب مُشرق العبقرية، أسرعوا فاتهموه بضعف الأخلاق لينفض الناس من حوله ويخلو لهم الميدان. ومن أجل هذا كان من النادر أن يمر بهذه الدنيا رجل عظيم بدون أن تطول في تجريحه ألسنة المتخلفين والمنافقين. وهل سلم الأنبياء من ألسنة الناس؟
كان في نيتي أن أصول وأجول في حضرة ليلى، فأعظم لذة في الدنيا أن يعذب لسانك، وتقوى حجتك، في حضرة امرأة حسناء. والكلام في هذا الموضوع يسهل عليّ بفضل ما أضعت من العمر في دراسة علم النفس وعلم الأخلاق، وبفضل ما ابتلاني الدهر من معاشرة أهل الرياء
ولكن ليلى ابتدرتني وقالت:
هل قرأت العدد الأخير من مجلة الرسالة؟
وما كادت شفتاها تفصحان عن هذا السؤال حتى كاد قلبي ينخلع، فقد تذكرت أنني رجعت عن عزيمتي في طيّ هذه المذكرات وأرسلتها جميعاً إلى الزيات. وهل أخاف ليلى أكثر مما أخاف سعادة الأستاذ محمد العشماوي بك الذي أوصاني بالاعتصام بالعقل يوم سفري إلى