به الضعف أنه لا يكسب حصانة، وإذا قصروا تعريضه كان من القوة بحيث لا يؤمن شره، وفوق هذا فاللقاح بعد تحضيره سريع العطب حتى إذا أختزن في الثلاجات العادية. عند ذلك اتجهوا في التفكير وجهة جديدة فذكروا أن المريض إذا نجا اكتسب بمرضه حصانة فلا تأتيه العدوى مرة أخرى ولو تعرض لها، فطلبوا الوقاية في دم هذا المريض الناقه فاستخلصوا منه مصلا حقنوا به الأصحاء فأكسبهم حصانة ضد الداء، ولكنها لم تدم سوى أسابيع قليلة بعدئذ جمعوا الاثنين معا، اللقاح والمصل، فوجدوا مدة الحصانة تطول، ولكن لم يزل بذلك الخطر من استخدام لقاح قد يحتوي الميكروب في تمام حدته. فكان لابد من كشف طريقة جديدة لأضعاف الميكروب إضعافا يذهب بسورته دون الذهاب بحيويته فبلغوا الغاية من ذلك بامرار الميكروب بمخ الفئران بضع مرات متعاقبة، وحصلوا على ميكروب لا بالضعيف ولا بالقوي، يحقن به الإنسان فيتحصَّن ضد الداء بمقدار ما يتحصن من عاناه. إلا أن ملاحظات جديدة أظهرت أن الخطر لم يزل تماما، وأهم من ذلك أن دم المحقون بهذا اللقاح الجديد يحتوي الميكروب الحي فهو مصدر خطير لعدوى البعوض. عندئذ فكروا في الجمع مرة أخرى بين هذا اللقاح الجديد وبين مصل الناقهين، لأن هذا المصل يزيد حصانة المحقون عقب الحقن فيقاوم فعل اللقاح إذا زاد على الحد، وظُنّ فيه كذلك أنه قد يمنع وجود الميكروب الحي في الدم. وقد دلت النتائج على أن الجمع بين هذين يزيد في حصانة المرء زيادة كبيرة دون أن تظهر عليه عقب الحقن أعراض المرض، أو يظهر الميكروب الحي في دمه فيكون سببا في عدوى البعوض فالناس.
والعقبة الوحيدة التي باتت رهينة التذليل هي صعوبة الحصول على المصل من دماء الناقهين من بني الإنسان. وحتى هذه يظهر أنها ذُللت بما أُعلن في نشرة علمية في مايو الماضي من أن الخيل إذا حقنت مرارا متتالية بميكروب الحمى اكتسب دمها القدرة على مقاومة الميكروب، وإذن ففي الاستطاعة إبدال دم الخيل بدم الإنسان
هذا ما يختص بالبحث في زيادة حصانة الناس حتى لا تفجأهم العدوى وهم غافلون، ولكن لعل أهم من هذا أن يُستأصل البعوض الذي ينقل العدوى. وقد جرت أبحاث في ذلك، ولكن عادات هذا البعوض وطريقة معيشته وأسلوب إفراخه أعجزت البحاث، فالبعوض يُفرخ في الماء ككل البعوض، إلا انه يفرخ في كل ماء حتى في الحُفَن الصغيرة منه والاسآر القليلة،