قال الرافعي:(. . . من هنا يا بني كانت ثورته. كانت ثورة الغيرة. . . لا ثورة الأديب الناقد الذي لم يقنع بما كتب الكتاب عن إعجاز القرآن فهو يلتمس المعرفة والاقتناع. وعرْفتُ ذلك من بعدُ، فما بدا عليّ ما في نفسي من الانفعال، ومضيت معه في الحديث في وجه جديد. قلت: أنت تجحد فضل كتابي فهل تراك أحسن رأياً من سعد؟)
قال الرافعي:(وفهم ما أعنيه فقال: وما سعد؟ وما رأي سعد؟)
قال الرافعي:(وطويت الورقة التي كان يكتب فيها حديثه فقبضت عليها يدي ثم قلت: أفتراك تصرح برأيك هذا في سعد لقرائك وإنك لتأكل الخبز في مدح سعد والتعلق بذكراه. . .؟ قال: فاكتب إليّ هذا السؤال في صحيفة من الصحف تقرأ جوابي كما عرفته الآن. . .!)
قال الرافعي:(وابتسمت لقوله ذاك وأجبته: يا سيدي، إن الرافعي ليس من الحماقة بحيث يسألك هذا السؤال في صحيفة من الصحف، فتنشر السؤال ولا ترد عليه، فيكون في سؤالي وفي صمتك تهمة لي، وتظل أنت عند قرائك حازماً أريباً بريئاً من التهمة مخلصاً لذكرى سعد!)
قال الرافعي:(وما قلتُ ذلك - وإن ورقته في يدي أشد عليها بأناملي - حتى تقبض وجهه، وتقلصت عضلاته، ثم قال في غيظ وحنق: ومع ذلك فما لك أنت ولسعد؟ إن سعداً لم يكتب هذا الخطاب، ولكنك أنت كاتبه ومزوره، ثم نحلته إياه لتصدر به كتابك فيروج عند الشعب!)
قال الرافعي:(وما أطقت الصبر بعد هذه التهمة الشنيعة، ولا ملكت سلطاني على نفسي، فهممت به. . فدخل بيننا الأستاذ صروف، فدعا العقاد أن يغادر المكان ليحسم العراك ويفض الثورة!)
هذه رواية الرافعي، حدثني بها غير مرة في غير مجلس، كما تحدث بها إلى غيري من أصدقائه وخاصته؛ فما لي فيها إلا الرواية والتصرف في بعض الكلام تأدباً مع الأستاذ العقاد وكرامة لذكرى الرافعي
على السفود
وفرغ الرافعي من مقالات عبد الله عفيفي التي كان ينشرها بعنوان (على السَّفُّود)؛ ثم ذهب