أي بالمجون والاستهتار، والميل إلى الإصلاح، والإخلاص للمبدأ والزعيم، والاندماج والفناء في المجموع (في الجمعية أو الحزب أو الأمة) وبأنهم أدنى إلى المثل العليا، وبأن شعارهم الإقدام والتعجل والسرعة وبعض الأناة والانتظار. الشباب بهذه الصفات، ليس الشباب بورقة النفوس وسجل الميلاد؛ فكل من مات قلبه، وانطفأت شعلة حماسته، وضاعت مثله العليا، وأحس بأنه قد بلغ مأمله فلم يُعدْ له أمل، فهو شيخ ولو كان في العشرين من سنه. وكل من كان له قلب، وكانت له آمال ومطامح، وكل متحمس مندفع شاب ولو شاب!
فلا تغضبوا يا سادتي الكهول إذا قلت إن المستقبل للشباب ورفعت من شأن الشباب، فإن فيكم شاباً ولو ابيضت لحاهم ورءوسهم، وانحنت ظهورهم، وتجعدت جباههم. هم شباب العزائم والقلوب! وهؤلاء الخاملون من الشباب هم الشيوخ. لا تعجبوا يا سادتي، فلقد كان شوقي شيخاً في مطلع شبابه يوم كان شاعر الأمير، ثم عاد شوقي شاباً في كهولته يوم صار شاعر الآمال والآلام، شاعر العروبة والإسلام. . .
بقي عليّ تعريف الإسلام، ولكن من العبث يا سادتي أن أعرّف الإسلام، وأنا أحاضر قوماً هم بحمد الله مسلمون، ولا يكون مسلماً من لا يعرف ما هو الإسلام، ولا صلة له بعلومه، ولا اطلاع له على أحكامه، ولا وقوف له على أمره ونهيه، وعند أمره ونهيه. إن من العبث أن أقول لكم إن ديننا إيمان وعقائد، وإسلام وعبادات، وإحسان وأخلاق، وسياسية وشريعة، وأن له في كل جانب من جوانب الحياة مصباحاً يضيء، ومناراً يهدى، وإنه لا يفارق المسلم أبداً، ولا يدعه لحظة. إن كان وحده، منفرداً بنفسه كان معه الإسلام يأمره بأن يحاسب نفسه، ويتوب من ذنبه، ويتأمل في بديع صنع الله في نفسه وفي العالم، ويستدل بالصنعة على الصانع، وبالأثر على المؤثر. (وفي أنفسكم) أكبر الدلائل، وأقوى الحجج، (أفلا تبصرون. . .؟) أو لا يتفكر هؤلاء الجاحدون (اخلقوا من غير شيء أم هم الخالقون؟). (أو لم يتفكروا في أنفسهم؟ ما خلق الله السموات والأرض إلا بالحق وأجل مسمى)، (أفلا تتفكرون). وإن كان المسلم في المجتمع كان معه الإسلام، يبين له سبيل الحكمة، ويدله على صراط الأخلاق المستقيم، ويأمره بأن يحسن استعمال هذه القوى التي وهبها له الله، فلا يتبع بها ما ليس له به علم، (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع