والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا) ولكن يستعملها في سبيل العلم، العلم كله حتى الفلك والجيولوجيا وعلم الأجناس، هذه العلوم من آيات الله. ألم يأمر الله بهذه العلوم التي يمنعها بعض مشايخ العصر؟ قال تعالى:(ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين)، (إنما يخشى الله من عباده العلماء)
ينظم الإسلام العلاقة الاجتماعية خير تنظيم، ويبني الأمة أمتن بناء، يبدأ بإنشاء الأسرة فيجعل لها رأساً مسئولاً، له حق الطاعة لينتظم الأمر، وتتم المصلحة، وعليه واجب العدل والعمل، وجعل الرجل هو الرأس لطبيعة تكوينه وخلقته ونوع عمله وغايته (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) وجعل على النساء واجباً، ولكنه أعطاهنّ حقاً مثله (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)، ورفع من شأن التربية، وجعل للمربين الأولين، للوالدين أرفع مقام، وجعل طاعتهما مقرونة بالتوحيد الذي هو رأس الدين وبيت قصيده ودعامة بيته. قال عزّ من قائل:(وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) ووضع خير القواعد وأحكمها للزواج والطلاق والإرث، وينظم الإسلام أمور الأمة، ويقيمها على أساس من الفضيلة والعدل. (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق) ويشرع لها القوانين الثابتة المحكمة في معاملاتها، والقواعد الأخلاقية السامية في علاقاتها الخاصة، ويدعو إلى ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة والدليل الواضح والبرهان القاطع، لا بالإرهاب ولا بالترغيب. (يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً) ودعا المخالفين إلى المحاجّة والمناظرة، وإقامة الأدلة (أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم)(أإله مع الله قل هاتوا برهانكم). وعاب الإسلام التقليد والجمود واتباع الآباء والأجداد، وإهمال العقل، ودفع الناس إلى التفكير، وإقامة البراهين العقلية والأدلة اليقينية، أي أنه دعا منذ (١٤٠٠) سنة إلى الطريقة العلمية التي يفخر بها علماء اليوم ويظنونها من ابتكارهم وأثراً من آثار حضارتهم. قال تعالى يذم أهل الجمود وينعى عليهم (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله، قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا، أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون؟)
إنكم تعرفون هذا كله أيها السادة لأنكم مسلمون، وإن من العيب أن ألقيه عليكم فما جئت لأعرف الإسلام، ولا أرد تعريفه. ولكن أحببت أن أوجه أبصاركم إلى مسألتين مهمتين: