للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وخلاصة القصة أني ذهبت في ضحى يوم صائف إلى خليج ستانلي، ونزلت بثوب البحر إلى ملعب الغزلان، فرأيت فقيراً هندياً يقرأ الكف لفتاة ناهد تشبه أفروديت، أو تشبهها أفروديت، فجلست بجانبهما جلسة الباحث المتعقب، لا جلسة اللاهي اللاعب، وما هي إلا لحظات حتى قلت بصوت الواثق بصحة ما يقول: على رِسلك أيها الساحر، فأنت فيما يظهر قليل العلم بأسرار الكف، وما يجوز لك أن تشغل فتاة بمصيرها على غير هدى. أين تعلمت هذا العلم أيها الدرويش الجهول!

فانزعج الرجل انزعاجاً شديداً، وفقراء الهنود ضعاف العزائم والقلوب في أكثر الأحيان

ونظرت الفتاة في استغراب وقالت: وحضرتك تعرف علم الكف؟

فقلت، وأقسم ما قلت غير الصدق: نعم أعرف علم الكف وهو خير ما تعلمت في باريس!

فانعطفت الفتاة في تخاذل وقالت: تسمح تقرأ لي كفي!

فأخذت يدها ونظرت إلى صدرها مرة وعينيها مرتين، ثم شرعت أقص عليها أخبار المستقبل وما فيه من ابتسام وأنين

وما هي إلا دقائق حتى كنت ساحر الشاطئ

فهل تعود أيامي؟ هل تعود؟ أمري إلى الهوى!

وتخاذل الساحر الهندي وتضعضع وأقبل يسر في أذني: تتفضل بكلمة؟ فقلت: نعم. وانتحينا بعيداً عن أسماع الظباء فقال: أعرف أنه لا يفل الحديد إلا الحديد، وأعرف ثانياً أني أعلم منك بقراءة الكف، ولكني واثق بالهزيمة إذا ناضلتك، لأنك تحدث الفتياتِ بأحاديث أجهلها كل الجهل، ويغلب على ظني أنك لا تقرأ الكف، وإنما تقرأ العيون، ولا علم لي وحياة غاندي بلغة العيون

فقلت: وماذا تريد، أيها الشيخ؟

فقال: أرجو أن تبيعني هذا الميدان

(وعندئذ تذكرت أني موظف في الحكومة المصرية وأن من الممكن أن يتعقبني مندوب (آخر ساعة) أو مندوب (روزاليوسف) أو مندوب (الصباح)، وأن من العقل أن أقبض ما يمكن قبضه وأترك الميدان)

- وماذا تقدم يا شيخ؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>