للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

- ولك في العراق فرد عدو (يعني عدواً واحداً)

- طيب

- ويجيء إليك فرد مكتوب

- من وين يا عمي؟

- من بغداد

- خير، خير

- وأنت تحب فرد امرأة، وأكُو ناس يحسدونك

- أكو خوف يا عمي؟

- ماكو خوف، ولكن احترس

فنفحت الرجل درهما ومضيت

وبالقرب من جامع مرجان سمعت صوتاً يناديني فالتفت فإذا أحد سعاة البريد يقدم إليّ خطاباً فعجبت من أن تفضحني ليلى إلى هذا الحد، ونظرت فرأيت العنوان مكتوباً بهذه الصورة الطريفة:

(لحضرة الأستاذ الخفيف الروح الدكتور زكي مبارك

يسلم إليه أثناء تجواله في شوارع بغداد!!)

شيء ظريف حقاً! وأي ظرف أروع وأمتع من أن تصبح دار إقامتي موزعة بين شوارع بغداد، وأن ترى مصلحة البريد أنها مسئولة عن البحث عني في شوارع بغداد؟

إن مرسل هذا الخطاب لابد أن يكون أظرف الناس. وإذا كان العنوان بهذه الصورة من اللطف فسيكون الخطاب ولا ريب آية الآيات في خفة الظل ولطف النسيم

ولكني ما كدت أفض الظرف وأنظر الخطاب حتى انزعجت. فهو بغير إمضاء وكاتبه ينهاني عن عيادة ليلى، ويهددني بالقتل. . . أمري إلى الله لا إلى الهوى!

ورأيت أن أحتاط لنفسي فذهبت أستشير صديقاً بالمفوضية المصرية سبقني إلى العراق بسنتين؛ فكان من رأيه أن أبلغ الخطاب إلى الشرطة. وأكد لي أن العراقيين لا يعرفون المزاح في هذه الشؤون. وبعد ساعة من تسلم الخطاب كنت عند سعادة رئيس الشرطة، فكان أول كلامه بعد رد التحية أن قال:

<<  <  ج:
ص:  >  >>