للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فيا شباب المسلمين تجردوا لأداء الواجب، وإسماع العالم صوت الإسلام

إن هذه الدور الذي تجتازه اليوم أمم الشرق الإسلامي، يشبه دور البعث (الرونِسانس) في أوروبا، وعلى الشباب أكبر الوجائب في هذا الدور

على الشباب واجب علمي هو أن يبعثوا المكتبة العربية القديمة بحلل جديدة، وأساليب مستحدثة. إن في هذه الكتب الصفراء علماً جماً ولكنه مطمورٌ تحت أنقاض الأسلوب الماضي. في كتب الفقه مثلاً ما يستنبط من القانون الأساسي، والقانون الجزائي، والقانون المدني، والقانون الإدراي، وقانون أصول المحاكمات، ولكن هذه الكتب موضوعة على طريقة لا نسيغها اليوم، ولا نألفها ولا تصلح لنا ولا نصلح لها، وإن كانت تصلح كل الصلاح في عهد من ألّفوها، فيجب على الشباب أن ينقطع منهم فئة إلى دراسة هذه الكتب وتفهمها، ومعرفة ما فيها، واستخلاص موادِّها العلمية، وعرضها بشكل جديد

إن الأساليب (يا سادتي) أزياء، وقد تبدل الزي اليوم، فليأخذ الخياط الماهر هذا الثوب القديم، وليصنع من قماشه ثوباً جديداً، على ألاَّ يضيع منه خيطاً واحداً. إن من العار أيها السادة أن تترقى أساليب التأليف في كل العلوم ونبقى نحن، في علومنا، على ما كنا عليه. إن الذين كتبوا هذه الشروح وهذه الحواشي وهذه التقارير عظماء أجلاء، لأنهم أنتجوا شيئاً، وعرضوه على أحسن شكل يألفه عصرهم، وليس عليهم من ذنب، ولكن الذنب علينا، نحن الذين لا يؤلفون، ولا يشتغلون، ولا ينتجون، وإنما يعيشون عالة على أجدادهم كهذا النبات الطفيلي الضعيف الذي يتمسك بأقدام النخلة الباسقة

وإن على الشباب واجباً اجتماعياً هو أن يدرسوا الإسلام، ويكشفوا عن رأيه في هذه المعضلة الاجتماعية: إن العالم سيضيع بين الاشتراكيين والماليين الفرديين، ولا طريق إلى النجاة إلا الطريق الأوسط الذي يهبط عن خيالات الشيوعيين وأحلامهم التي لا تتحقق أبداً، ويترفع عن أفق الماليين الذين يستعبدون الناس بأموالهم، ويسخرون المجموع لمصلحة الفرد

وإني على يقين أن للإسلام القول الفصل في هذا الباب، ولكن أحداً من العلماء لم يكلف نفسه عناء البحث عن رأي الإسلام الاجتماعي

وإن على الشباب المسلمين واجباً أخلاقياً، هو إنقاذ العالم المتردّي في مهاوي الرذيلة التائه

<<  <  ج:
ص:  >  >>