إن هو إلا فسخ هذه الاقتران الشائن بين الروح والأرض؛
إن هو إلا إزاحة عبءٍ ثقيل نرمي به في القبر!
إن الموت انتقال أيها الأصدقاء، وليس فناء!
والإنسان مادام رازحاً تحت هذا الجسد المقيد به
يزحف بعناء عظيم نحو الخير الحق.
ومادامت رغباته السافلة تقطع عليه هذا المسير
فسيسير وراء الحقيقة بخطوات راجفة، وربما أضاعها أيضاً!
ألا إن من يصل إلى آخر حياته التي يرجوها
ويبدو له شعاع فجر يومه الأبدي
ليعودُ ثانية نحو السماء، وكأنه شعاع من أشعة المساء!
ويرتدُّ ثانية إلى جوار الآلهة، بعدما أُقصى عنها
حيث يحتسي بشَرهٍ ذلك الرحيق المسكر
ويبدأ حياته من ذلك اليوم الذي يقضي فيه!
ألا إن الموت ألم، والألم شر أيها الأصدقاء!
ولكن ما يدرينا ذلك؟!
ولو كانت ساعة الموت الرهيبة
ساعةً يتألم فيها جسمنا الفاني
كما تتألم الضحية الذبيحة
أو ليس عن الشر يصدر كل الخير؟!
إن الشتاء ليتمخض عن الصيف، وإن الليل لينكشف عن النهار!
لقد وضع الله تعالى بنفسه هذه السلسلة،
ونحن، وقد جئنا إلى هذه الحياة على الرغم منا؛
فليست هذه الميتة الهانئة التي يرهبها ضعاف النفوس
إلا ابتداء حياتنا في العالم الخالد!
ولكن، أيكفي أن نموت لنبعث ثانية؟!