القضاء السماوي أن أنهض في رمسي بمعجزة، وعدت إلى الدنيا ولم أمت في القبر أشنع موتة، جاءوا من كل فج ليناوئوني، ويحجروا علي من جديد؟!)
وصمتت جينفرا، وأكب أنطونيو يسكب عبراته تحت قدميها الجميلتين المرتعدتين، وما كانت دموعه تلك إلا دموع الفرح بما سمع من حسن توكيداتها
ولبثت جينفرا لدى حبيبها الأول الوفي
ثم حدث أن رأى فرنسيسكو أجولانتي غادةً هيفاء من ذوات اليسار فغزل بها وغزلت به، وأغرم كل بصاحبه، فعقدا النية على الزواج. . . وما أن علم أنطونيو بذاك حتى انتهز هو أيضاً فرصته، وجعل يسعى لدى فرنسيسكو حتى اشترى منه كل جواهر جينفرا، وهو لا يدري أنها حية ترزق، وأنها قد نجت من براثن الطاعون والفناء بإرادة السماء. . . وعادت من عالم القبور لتخلق خلقاً آخر
في صبيحة يوم من أيام الآحاد ذهب أنطونيو روندينللي من أعيان فلورنسة، ومعه السيدة جينفراد دِجلي أمييرا، وأمه العجوز الوقور المتضعضعة، وخادم من خدم قصره، إلى كنيسة المدينة الخالدة ليعقد على حبيبته جينفرا
وهناك في بهو الكنيسة الكبير، التقى هذا الجمع اليسير بجمع آخر حاشد غاية الحشد، فيه الفتى فرنسيسكو أجولانتي وأمه وملأ عظيم من ذويه وأصدقائه. . . ذاهبين للعقد على غادة فرنسيسكو الهيفاء الغنية المثرية، ولما يمض على دفن جينفرا ثلاثة أشهر أو نحوها. . . والمؤلم المبكي أن أمها الساذجة كانت من ضمن المحتفلات بزوج ابنتها السابق. . . فما كادت العيون والأرواح تتعارف حتى ساد بهو الكنيسة صمت كصمت القبور، ووقف الجمعان خاشعين خابتين، ينظر بعضهم إلى بعض ولا يصدقون ما يرون!
ترى! من يتقدم ومن يتأخر؟
ولم تنتظر جينفرا طويلا. . . بل تقدمت مسرعة نحو أمها التي أخذت تحدق فيها بصرها، وترنو إليها مسبوهة مشدوهة
(أحقاً هذه جينفرا ابنتي؟ لم يكن شبحاً ما رأيت إذن. . . ويلاه!. . . ولكن. . . كيف عادت إلى هذه الدنيا ياترى؟ وأنى لها هذا الشباب وتلك النضارة؟ إنها تميس في شفوف وأفواف)