للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والعاشق في جميع أحواله أقل تضحية من المعشوق، لأن العاشق يأخذ والمعشوق يمنح، والفرق بين الحالين بعيد. ولكن أين من يفهم المعاني؟

وقد أهلكني مرض الغيرة وأفسد جميع شؤوني وكاد يرزأني بالخراب. ولولا عناية الله لكنت اليوم ممن ينبذهم المجتمع ويتحاماهم الأهل والأقربون

فقد كان لي صديق من كبار الموظفين؛ صديق فيه شيء من الظرف وأشياء من السخف. وكان هذا الصديق يجب أن يطوف بي على رفيقاته من حين إلى حين؛ وكنت أعرف ماذا يريد؟ كان يريد أن أتعلم التسامح لأطوف به على رفيقاتي حين يشاء. وكنت أعرف ما يضمر وأسكت، لأني كنت أحب أن أقف على أمراض المجتمع لأحاربها عن علم لا عن جهل

وفي ذات يوم ابتدرني بهذه العبارة في لهجة جدّية:

- يا دكتور زكي، يا حضرة الفيلسوف، أما تحب أن تعرف رأي إخوانك فيك؟

- رأي إخواني؟ وماذا يرى إخواني؟ فما كنت إلا خير صاحب وأكرم رفيق

- أنا؟ أنا بخيل؟ وكيف وكان إخواني يغامرون ما طاب لهم الهوى، اعتماداً على الجيب الملآن، جيب الرجل الذي يجوع ليشبع الرفاق؟

- هم لا يتهمونك بالبخل من الناحية المادية، وإنما يتهمونك بالبخل من الناحية الغرامية

وعندئذ شعرت بأني مقبل على خطر فقلت:

- وماذا يريد إخواني؟

- يريدون أن تطوف بهم على رفيقاتك

فقلت: ليس لي رفيقات

فقال: يا سيدي، يا سيدي، على منطق الدكاترة!

فقلت: أؤكد لك ولسائر الإِخوان أني لا أعرف غير الكتاب والقلم والدواة والقرطاس

فقال: تعجبني حين تتخذ من حياتك العلمية ستاراً لحياتك الغرامية!

فقلت: أتحداك أن تذكر اسم امرأة واحدة يتصل بها غرامي

فقال: هل تنكر أن لك علاقات مع السيدة (. . .)

ونطق السفيه المجرم باسم امرأة مصونة أفديها بروحي. فلطمته لطمة أطارت ما كان وقع

<<  <  ج:
ص:  >  >>