للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

على صدره من أغربة الأحلام والأماني

فنظر إليّ في تخاذل وقال: وَحْش!

فقلت: ولا يؤدب الأوباش غير الوحوش

وأراد أن يجمع ما تناثر من أشلاء شجاعته ليقابل العدوان بالعدوان، فنظرتُ إليه نظرة ساخت بها روحه، فانصرف وهو يقول: طوِّل بالك!

وقد طوّلت بالي، وكنت أتوقع أن يعود بعد ساعة أو ساعتين وفي يده مسدّس، ولكنه لم يعد أبداً

ثم عرفت بعد حين أنه انتقم مني على طريقة أمثاله من الأنذال، فكان يرسل خطابات مجهولة إلى الدوائر التي تؤذيني أن أُذكر عندها بالقبيح، فتلطخت سمعتي بالمنكرات في أقل من أسبوعين

رابه! ماذا نعاني في سبيل المروءة والشرف؟

ومشيت يوماً في شارع فؤاد أروِّح عن نفسي قليلاً برؤية اللؤلؤ المنثور، اللؤلؤ الذي يتوهج بذلك الشارع في الأصائل والعشيات، فلقيني صاحب قديم فقلت: من أين قدمت؟

فقال: كنت في منزل (. . . باشا)

فقلت: وكيف حاله؟ فقد طال شوقي إليه

فقال: لم أجده في المنزل، وإنما جلست مع زوجته لحظة، جلسة بريئة بالطبع

فنظرت إليه نظرة ساخرة وقلت: أتريد أن توهمني أنك كنت تملك الفجور وعففت مع أنك أضعف من الخصيان؟

وخلاصة القول أني أتهم المجتمع، وأرى من النذالة أن نعرض بناتنا وأخواتنا وزوجاتنا للناس. ولا يضايقني أن يغضب صديقي الدكتور إبراهيم ناجي وهو يكرر كلمة المرحوم زكي باشا إذ قال: إن زكي مبارك عاش في باريس ما عاش وظل مع ذلك فلاحاً من سنتريس

نعم، فلاّح، ثم فلاح، فإن شاء أبنائي أن يثوروا على أبيهم الفلاح فليحملوا إن استطاعوا رذائل المجتمع. أما أنا فقد نجوت ولله الحمد، فكانت زوجتي ترفض أن تستقبل أخاها الشقيق وأنا غائب. ويسرني أن أسجل اعترافي بالجميل لزوجتي الفلاحة التي سارت سيرة

<<  <  ج:
ص:  >  >>