وأنا موقن بأن الطلبة والأساتذة يسخرون منا، ولكن ما الذي يمنع من أن نستفيد من فساد المجتمع؟
والتفتيش سيكون قنطرة لعضوية المجمع اللغوي. ولكنه لن يكون كذلك إلا إذا عرفت كيف أستفيد. وأنا قد عرفت، ولله الحمد. وهل من الصعب أن أجلس في مكتب تفتيش اللغة العربية ثم انقد تقارير المدرسين؟ جاءني يوماً تقرير من الأستاذ الأول في مدرسة أسيوط الثانوية، فأخذت التقرير إلى البيت، وكتبت تقريراً بما في التقرير من أغلاط لغوية، ورجعت في اليوم التالي فحدثت جميع الموظفين بهذه الفضيحة، فلم ينقض اليوم إلا وأنا عمدة المحققين، وجهبذ المدققين
وكنت نسيت الموضوع الأصيل الذي كُتب من أجله ذلك التقرير ولكن لم يسألني أحد ماذا فيه
وربما كانت مدرسة أسيوط الثانوية لا تزال تنتظر رأي الوزارة في موضوع ذلك التقرير إلى اليوم، والصبر طيِّب!
وكان لي أسلوب في مضايقة المدرسين، أسلوب بديع؛ ولكني لم أبتكره مع الأسف، وإنما ابتكره شيوخٌ لنا من قبل. كنت آخذ كراريس التلاميذ إلى البيت، وأدرس موضوعاً واحداً من كل كراس. أدرسه بدقة وأمامي المعاجم والمراجع لأبين ما فات المدرسين من أغلاط، وأنسى أن المدرس لا يستطيع أن يستثير المعاجم في كل كراس. ولكن ماذا يهمني؟ المهم أن يشيع في بقاع الأرض أني محقق مدقق لأكون خليفة العوامري بك على الأقل، وذلك مغنم ليس بالقليل، وهو بفضل هذه الحذلقة مضمون
ومن عادتي أن أدعو المدرسين الذين أفتش عليهم (للتفضل) بانتظاري في المدرسة بعد خروج التلاميذ، وأكون تغديت وأخذت نصيبي من القيلولة، ويكون هم قد اكتفوا بما تيسر من الشطائر الجافة، وقضوا الوقت في التحضير والتصحيح، وتكون النتيجة أن أقدم عليهم بعافية، وأن يتلقوني وقد نال منهم الإعياء، فأُرغي وأزبد ما شاء التعسف، ويصدهم التعب عن درء الشر بالشر فيسكتون