يفديه غصن الدوح ريان ناضراً ... إذا اهتز في كف النسائم مائله
وجمع نسمة أو نسيم على نسائم خطأ من الأخطاء الشائعة التي يعنى بالتنبيه عليها أستاذنا الكبير، وقد سبقنا أحد الأفاضل فأشار إلى هذا الخطأ في عدد سابق من الرسالة
ثم يعود الجارم بعد ذلك كله فيكرر الإشادة بعزيمة الملك وطوله فيقول:
علاء تحدى الدهر في بعد شأوه ... فمن ذا يدانيه ومن ذا يفاضله
ورأى كأنفاس الصباح وقد بدا ... تشف مجاليه وتهفو غلائله
وأنا أبقاك الله لا أفهم وجه الشبه في قوله (كأنفاس الصباح)
وقد كان الأنسب أن يقول: كأنوار الصباح حتى يلائم وجه الشبه ما جاء في بقية البيت
ثم يقول الجارم بك:
رأى ملكاً يحيا القريض بوصفه ... فضائله جلت وعمت فواضله
رأى ملكاً يزهى به الدين والتقى ... شمائل أملاك السماء شمائله
رأى ملكاً كالنيل أما عطاؤه ... فغَمر وأما المكرمات فساحله
وهذا شعر حسن، غير أن الجارم لم يترك شيئاً من اللفظ والمعنى للطائي إذ يقول:
إلى قطب الدنيا الذي لو بفضله ... مدحت بني الدنيا كفتهم فضائله
من البأس والمعروف والدين والتقى ... عيال عليه رزقهن شمائله
إلى أن يقول:
هو البحر من أي النواحي أتيته ... فلجته المعروف والجود ساحله
وتأمل يا صاح قول الطائي (كفتهم فضائله) وقول الجارم (وعمت فواضله)، ثم قابل بين قول الطائي (هو البحر) وقول الجارم (ملكاً كالنيل) لتعرف الفرق بين المحكي والصدى
ثم يقول الجارم:
حملت له الريحان أرفع (معصمي) ... إلى الملك الفرد الذي فاز آمله
وقد ملأ الأنس الوجوه فأشرقت ... من البشر حتى كاد يقطر سائله
وكلمة (المعصم) كلمة ضعيفة لا تليق بالجارم الفحل، ثم ما سائل البشر الذي يقطر؟ لعله كماء الملام في شعر أبي تمام
وبعد أن فرغ الجارم من مديح الملك أخذ في مديح الملكة، فذكر أن الفاروق قد تخيرها