إبراهيم، وفضيلة الشيخ السكندري
أما العشماوي بك فسلّم تسليماً خفيفاً، سلم تسليم (المتبالهين) ليظهر أنه أكبر من أن يفتنه الجمال، والعشماوي بك (يتباله) في جميع الأحوال، وقد درسته حق الدرس، فعرفت أنه يحمل كبداً أرق من أكباد المحبين، ولكن له قدرة عظيمة على (التبالُه) فمن الذي علّمه هذا الأسلوب؟
وقد حقدت عليه ليلى، فليعرف سعادته أن غضب ليلى سيحل عليه، وسيرى عواقب ذلك في الأيام المقبلات!
أمَا يَخِفَّ وُقارك مرة يا عشماوي بك؟ اتق الذوق إن لم تتَّق الجمال!
وقد قهقه الشيخ السكندري حين رأى ليلى وقال: كنت والله أحسبك تمزح يا دكتور زكي، وما كنت أظن أنك جئت حقيقة لمداواة ليلى المريضة في العراق
والشيخ السكندري معذور، فهو يظن أن العشق انتهى من الدنيا بعد قيس وليلاه، وأن الناس لم يعودوا يحبون غير الملوخية الخضراء!
أما الدكتور علي باشا إبراهيم فنظر إلى ليلى نظرة الأرقم وقال: ما أستطيع الحكم بشفاء ليلى إلا بعد أن أفحصها بنفسي
ورأت ليلى أني غضبت فقالت: إني أحترم رأى سعادة رئيس المؤتمر الطبي، ولكني أفضل الموت على الحياة في سبيل الأدب مع طبيبي الخاص
ولم أرد أن تطول اللجاجة بيني وبين رجل كان رئيس اللجنة التي أديت أمامها الامتحان النهائي في كلية الطب، فأخذت بذراع ليلى وانصرفت
وأراد سعادة العشماوي بك أن يترضاني فرفضت، لأني كنت أعرف ما يريد، وهل كان يريد غير إيناس عينيه بوجه ليلى؟ اطْلَع من (دُولْ) يا سعادة الوكيل!
وفي الطريق سألتني ليلى عن العشماوي بك، وقد ساءها أن يتلقاها بوجه صامت التقاسيم، فشهدت عند ليلى بأنه رجل فاضل، وان جموده في حضرتها لم يكن جمود استهانة، وإنما كان جمود تعقُّل، والرجال الرسميون يغلب عليهم التعقل في أكثر الأحيان!
فهل يعرف سعادة العشماوي بك أنني ذكرته بالخير في حضرة ليلى؟
لا أمُنُ عليه، فهو يستحق ذلك، وأكثر من ذلك