للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وليتها تعرف ذلك فيستهويها حب المال، لأني لن أفرغ من صب تمثالها في أقل من عامين. وعليّ عهد الله أن أقنع منها بما يقنع الساري من بدر السماء

قلت فيما سلف إني رجل مفضوح النظرات. وكذلك وقعتُ، فلم تمض لحظات حتى تنبه زوجها إليّ، فما كان يسير بها إلا وحوله جيش من المعارف والأصدقاء ليصد غارة الإثم والفتون

وماذا يهمني؟ إنه يتوهم أني سأحاول مع زوجته ما حاوله عمر بن أبي ربيعة مع زوجة أبي الأسود الدؤلي في الطواف،

ولكنه مخطئ، فأنا بالتأكيد أحسن أخلاقاً من أستاذي عمر بن أبي ربيعة، وأنا قد تفوقت على أساتذتي في أشياء كثيرة، منها هذا الشيء. أنا أَجِدُّ وعمر كان يمزح، وهل ترك ابن أبي ربيعة غير أشعار ملوثة بالمجون؟ أما أنا فسأترك بعون الله ورعاية الهوى ثروة فلسفية تشرح ما استبهم من أسرار الجمال

سيعاديني هذا الزوج وسأعاديه، ولكني سأعرف كيف أتقي شره فأدرس عَينيْ زوجته من بعيد بحيث لا يجرؤ على اتهامي بالفضول

وأسارع فأقرر أني اشتركت في جميع الحفلات والرحلات لأستطيع التمكن من دراسة هاتين العينين؛ واستعنت بالدكتور محمد صبحي بك في تحديد ما خفي عليّ من الدقائق البصرية، ولم يبق إلا شئ ولحد هو الوطن الذي تسرح فيه هذه العيون

وكيف أصل إلى ذلك وزوجها بالمرصاد؟

انتظرت وانتظرت، ثم انتظرت، إلى أن جمع بيننا زحام المرقص بعد ثلاث ليال، فدنوت منها في خفية وقلت:

'

فقالت في عبارة تجمع بين العتْب والرفق: (دخيلك، دخيل اللهْ، اتركني لحالي!)

فعرفت أنها من بنات عمنا القديم دماشق بن قاني بن مالك ابن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام

رباه! أنت تعلم ما نعاني في سبيل الحقائق الأدبية والذوقية والفلسفية، وتعلم أن الناس لا يجزوننا بغير العقوق، فاغمرني بلطفك واكتبني عندك من الصادقين

<<  <  ج:
ص:  >  >>