فجيعته في أمه تحل به، فكأنها الضربة تأتيه في مقتل! لقد وهنت عزيمته وخارت قوته وذوى عوده، وصار الناس يرونه أحياناً هائماً على وجهه وهو يهذي كأن به جنة، حتى نصح له طبيب أن يرحل، فنزل ضيفاً عند أسرة صديقة كانت تقيم في مكان بعيد عن نيوسالم، ولكن همه ذهب معه إلى هناك حتى لقد شاطره الحزن ذات ليلة نفر من جلسائه حين سمعوه يصرخ من أعماق قلبه:(لا أطيق أن أذكر أنها ترقد هناك وحدها حيث ينزل المطر وتصخب العاصفة فوق قبرها) ولكم قطع من الأميال مرات بعد ذلك على قدميه فحج إلى ذلك القبر وبلله بدمعه!
ولكن اليأس يسلمه ثانية إلى الحياة حيث لا حيلة في البلوى ولا معدى عن الحياة. . . ويحين موعد الانتخابات مرة ثالثة فيتقدم فيفوز وقد ازداد الناس محبة له كما ازدادوا له إكباراً بقدر ما اكتسب من خبرة فوق ما سلف من خبرته، وأظهرته الانتخابات هذه المرة للعامة خطيباً كأحسن ما يكون الخطيب، قام يحمل عليه أحد خصومه من الحزب الديمقراطي، وكان قد حصل بتغييره مبدأه على مرتب سنوي غير قليل؛ وقد علم الناس أنه كان يقيم في منزل أنيق في سبرنجفيلد في قمته تلك الحديدة التي يضعونها هناك لتمنع الصواعق. ولقد أسرف ذلك الخصم في الطعن على إبراهام وأعلن أنه يريد أن يحط من قدره في نفوس الناس. فوقف ابن الإحراج ورد عليه بقوله:(رأى هذا السيد أن يشير إلى حداثة سني، ولقد نسى أني أكبر في العمر مني في ألاعيب الساسة وتجارتهم. إني أود أن أعيش كما أود أن أرقي وأن تلحظ مكانتي، ولكني أفضل الموت على أن أحيا فأرى اليوم الذي أفعل فيه ما فعل ذلكم السيد، فأغير مبدئي من أجل ثلاثة آلاف دولار في العام، وأراني بعد ذلك مضطراً أن أقيم على رأس بيتي مانعة للصواعق لأحمي ضميراً آثماً من غضب رب أسأت إليه)
وإنك لتتبين مهارته السياسية فوق ما تلمح من صفاته في هذا الخطاب الذي أرسله إلى أحد رجال الحزب الديمقراطي.
كتب لنكولن (أنبئت أنك أذعت في الناس أثناء غيابي في الأسبوع الماضي أن لديك حقيقة أو حقائق لو اطلع عليها الناس لقضت نهائياً على أملي وأمل ن. ادوارد في حركة الانتخاب القائمة، ولكنك تأبى عليك مجاملتك إيانا أن تعلنها. وأنا أقول لك إنه ما من