- عنيدة ما أحسبك تزيدين أمك إلا مرضاً يا لوريللا؟ بأي حق ترفضين هذه اليد الكريمة التي بسطتها لك السماء لتخلصك ولتنقذ حياة والدتك؟
- آه! إن لدي سبباً. . . بيد أنني لا أبتغي أن أبوح به لأحد!
- حتى ولا لي؟! ولا لي أنا. . . موضع اعتراف العذارى جميعاً؟! أنا يا لوريللا الذي طالما كنت صديقك ومفزّع الأحزان عن فؤادك؟
-. . .؟. . .
- لا، لا يا صغيرتي! إنك لا تعرفين من هذه الحياة إلا قليلاً، فأزيحي عن فؤادك ما ينوء به. . . ثم إني أعدك أن أكون أول مؤيد لك إن كنت على حق. . .
وقبل أن تجيبه لوريللا، أرسلت عينيها ناحية الملاح الشاب الذي كان موزع الفكر بين الحبيبة وبين الشراع وبين البحر. . . والذي كان يحجب عينيه بطرف من وفاء رأسه وهو مع ذاك مصغ لحديث القس
ثم تكلمت لوريللا فذكرت للحبر الجليل ما يفزعها من الزواج، لأنها تحتفظ بذكريات مشجية مما كان يحدث بين أبويها من نضال وشقاق. . . (حتى لقد كان لا يتورع أبي من مد يده إلى أمي بالضرب المبرح الذي كان سبب ما تقاسيه اليوم من الأمراض. . . أبداً لا أنسى هذه الوحشية أيها الأب، تلك الوحشية التي أسميها وحشية الزواج، والتي من أجلها أوثر أن أظل عانساً إلى الأبد. . . ثم أنا لا أعرف قيمة هذه العلاقة التي تنشئونها بين رجل وامرأة، فيظل الرجل قويَّا وتظل المرأة ضعيفة، يقبلها إذا أراد، ويتجهم لها إن شاء، ويلعب بها كما تلعب الرياح بالريشة التي لا حول لها. . . أوه! أقسم لك أيها الأب، لو أنني كنت في مقام والدتي لعرفت كيف أذود وحشية زوجي وأدفع أذاه!! تالله لأسقينه ضعف ما كان يحاول أن يسقيني! مسكينة يا أمي! لقد كنت ضعيفة فلم تحاولي أن تدافعي عن نفسك، وسميت ضرب أبي إياك محبة، والسكوت عن هذا الضرب طاعة. . .)
ويحاول القس أن يخفف من نقمتها على حياة الزوجية، ولكن محاولاته تذهب مع الريح؛ ويذكر لها أن الأزواج ليسوا سواسية، وأنهم ليسوا جميعاً قساة القلوب غلاظ الأكباد كما تظن، وأن الشاب المصور الذي أحبها كان له قلب رءوف رحيم بحكم فنه وميوله الروحية