ونزلت لوريللا. . . وهتفت بالملاح أنها ستعوده، وستأتيه بحشائش وأعشاب لها نفع عظيم في مثل جرحه
ولم ينم أنطونيو برغم ضعفه الشديد وإعيائه المضني، ولم يخف ألمه برغم الماء الساخن الذي أعدته له أمه، والذي نضحه على الجرح مراراً. . بل ظل الدم يتدفق. . وظل الفتى يتقلب. . وظل مع ذاك يفكر في لوريللا
وكان ينظر إلى منديلها كأنه قُنية غالية، أو نفحة من السماء أو تذكار عزيز لهذه المعركة التي انهزم فيها في عرض البحر. . . وفي. . . معمعان الحب!
وفي الوقت الذي قطع أنطونيو فيه كل أمل من لقاء لوريللا. . . وفي هدأة الغسق الساكن. . . دخلت لوريللا الجميلة الهيفاء. . . لوريللا. . . الحلم الجميل الساحر. . . تحمل الأعشاب التي وعدت أن تأتي بها لمعالجة الجرح، فقال لها أنطونيو:
- آه. . . منديلك، لقد أتيت تفتقدين منديلك
لكنها لم تجب. . . بل بحثت عن وعاء، وتناولت يد أنطونيو ففكت الرباط عن الجرح، وكان قد تورم قليلا، فغسلته بماء عصرت فيه من أعشابها، ثم وضعت من الأعشاب عليه ما لا يؤذيه، وربطت اليد المحمومة الساخنة برباط نظيف تبلى أحضرته معها. . . فما هي إلا لحظة حتى زال ألم أنطونيو. . . فافتر باسماً وهو يقول:
- أشكرك يا لوريللا. . . وإذا كان لي أن أطلب شيئاً، فهو أن تغفري لي!
- بل أنا الذي أطلب الصفح يا أنطونيو. . . ففي الحق. . . لقد غاليت معك في هذه الوسائل العنيفة. . . والآن. . . ما بال هذه العضّة؟!
- لقد صنعت ما صنعت دفاعاً عن نفسك. . . وأنا ما أزال أشكرك!
- وشيء آخر يا أنطونيو! ألا تدري أنك قد فقدت (جاكتتك) في البحر وفيها نقودك. . . أجور المسافرين. . . وثمن. . . البرتقال!
- هذا لا يهم يا لوريللا!
- بل. . . لقد كنت أوثر أن أعوضك عنها لو استطعت. . . على أنني لا أملك إلا هذا الصليب الفضي. . . خذه. . . لقد تركه لي المصور يوم أن جاء يخطبني