أنقف فنتناوش ونتضارب؟ وهل أرسلتني مصر إلى العراق لأصنع ما يصنع الأطفال؟
لو كانت المسألة بيني وبين هذا الرجل مسألة شخصية لضاربته وقاتلته بلا تهيب. وما أحسبه يزعم أنه أقوى مني، ولكن المسألة أني مصري وهو عراقي، وأنا أنفق دمي في خلق الصلات بين مصر والعراق، وإقامتي في بغداد أقنعتني بأن مصر لابد لها من مودة العراق، فالعراق يكاد يكون هو الشعب الوحيد الذي يسلم فيه المصريون من أذى الناس. وهذه العواطف ليست جديدة عندي، وإنما تلقيتها منذ سنة ١٩١٧ عن الأستاذ أحمد صالح حين كان يدرس التاريخ القديم بالجامعة المصرية، فقد حدثنا عن مودات صوادق أقامها لحلف الشريف بين المصريين والبابليين، وما جاز في عهد الجاهلية لا يستحيل في عهد الإسلام إلا أن نكون من الأغبياء
وتذكرت أن بغداد تحوطني بأشرف معاني العطف، وأنه ليس من الذوق أن أحرج رجلاً هو أمين بغداد، وهو أكبر مني سناً ولعله أكثر تجربة، والتحامل عليه ضرب من العقوق
وتذكرت أصل الخلاف فوجدته يرجع إلى كشف الرأس في السهرة، وأنا أكره كشف الرأس لأنه قد يجرّ إلى الزكام، وأنا مدرس، والمدرس المزكوم منظره سخيف، فما الذي يمنع من الذهاب إلى السهرة بالطربوش وهو لا يجب خلعه في السهرات
هذا حلُّ موفَّق، ولكن لابدّ من الاحتياط، والاحتياط هو أن أذهب قبل الموعد بساعة إلى مكان الاحتفال عملاً بمذهب حلفائنا الفضلاء أبناء العم جون بول، ومذهبهم هو أن تحتلّ أولاً، ثم تفاوض بعد ذلك!
كان طريقي من باب المعظَّم إلى بهو أمانة العاصمة يوحي الشعر والخيال، فقد كانت ليلة عيد، وكان القمر ينظر إليّ في ترفق كأننا في سنتريس، ولكن صدري كان مكروباً بعض الكرب. فقد كانت ليلة العيد لا تقع إلا وهي موعد غرام، وهي في هذه المرة قد تكون حومة قتال