الزعماء الارلنديين حزباً أو هيئة وطنية جمهورية باسم (السين فين) ومعناها (نحن فقط)؛ وغايتها تحرير ارلنده تحريراً مطلقاً، وفصلها عن بريطانيا العظمى فصلاً تاما. وكان شعار هذه الحركة منذ البداية الجرأة، والتضحية. فأعلن (السين فين) انهم (الحكومة المؤقتة للجمهورية الارلندية) وانشئوا قوة وطنية أطلق عليها (المتطوعة الارلنديون) ونظموا ثورة سنة ١٩١٦. ولبث (السين فين) أثناء الحرب يناصبون بريطانيا العداء. ولكن إنكلترا استمرت أثناء الحرب تحكم ارلنده بمنتهى الشدة، وتطارد الحركة القومية بمنتهى العنف. ولكن دعوة (السين فين) ما زالت تزداد قوة وانتشاراً حتى عمت سواد الشعب الارلندي. وظهرت قوة الحركة في انتخابات سنة ١٩١٨ إذ سقط معظم الزعماء القدماء أنصار فكرة التوفيق والحكم الذاتي؛ وفاز السين فين فوزاً باهراً. ورأت السياسة البريطانية نفسها في مأزق حرج لأن السين فين رفضوا مشروع الحكم الذاتي بقوة وتمسكوا بالاستقلال التام، وانشئوا (حكومة الجمهورية الارلندية) والبرلمان الارلندي الوطني.
وهنا تدخل المسألة الارلندية في طور جديد، وتضطر السياسة الإنكليزية مرة اخرى للبحث عن سبيل لإرضاء ارلنده، أو بعبارة أخرى لتخدير حركتها القومية. وكان الحكم يومئذ ما يزال في يد الأحرار، وهم الذين سعوا إلى حل المسألة الارلندية بمنح الحكم الذاتي لارلنده. ففي سنة ١٩٢٠ اتخذت الحكومة البريطانية برآسة لويد جورج في المسألة الارلندية خطوتها الجديدة فأصدرت (قانون الحكومة الارلندية) بمنح الاستقلال الذاتي لارلنده الجنوبية واستثنيت ألصتر أو ارلنده الشمالية لاختيارها البقاء مع بريطانيا العظمى.
ولكن السين فين رفضوا هذا القانون ورفضه البرلمان الارلندي الوطني (الديل ايران) بقوة واضطرمت ارلنده بثورة جديدة، وشهر السين فين على إنكلترا حرباً عنيفة، ونظموا العصابات المسلحة في أنحاء ارلنده، وتوالت حوادث الفتك والاغتيال على كبار الإنكليز والموالين لهم في ارلنده، وأبدى رجال السين فين بسالة وتضحية نادرتين. وقابل الإنكليز الاعتداء بمثله وارتكبت حوادث قسوة عديدة، وهلك من الفريقين في تلك الحوادث عدد من الزعماء والرجال البارزين. ولم تبد الحركة الارلندية قط بمثل هذا العنف، ورأت الحكومة البريطانية رجالها وجندها يسقطون تباعاً في ارلنده، ورأى فريق من الزعماء الارلنديين