لهذا جاءت أسس الحكومة الإسلامية قواعد كلية ومبادئ عامة جديدة لا يبليها الزمن، ومستقيمة لا يقومها التطور، ومثبتة لا تنال منها الحوادث، صارمة صريحة صالحة لكل أمة، ملائمة لكل زمن، قائمة في كل مكان. وهذه بعض تلك القواعد نكتفي بذكر أهمها لأن استيعابها لا يتسع له المقام ولا يناسب الحال:
١ - العدل: أمر الإسلام بإقامته وكرر الأمر به في صور شتى تارة بذكره كقوله تعالى: (اعدلوا هو أقرب للتقوى)، وقوله:(وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)، وتارة بالنهي عن الظلم وكراهة أهله كقوله:(إن الله لا يظلم مثقال ذرة، إن الله لا يحب الظالمين)، وقوله عليه السلام:(إن الناس إذا رأوا الظلم فلم يأخذوا على يديه أوشك الله أن يعمهم بعقاب من عنده)
٢ - المساواة: قرر الإسلام مبدأ المساواة في قوله تعالى: (إنما المؤمنون اخوة) وقوله: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا. إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وقوله عليه السلام: (المسلمون كأسنان المشط) وقوله: (المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم)
٣ - التآلف والوحدة: دعا الإسلام في أكثر من موضع إلى الوحدة وعدم الفرقة، فقال تعالى:(ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) وقال: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً) وامتن بها فقال لرسوله: (لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم) وقال عليه السلام: (المسلمون يد على من سواهم)
٤ - الشورى: حض الإسلام عليها فأمر بها نبيه بقوله: (وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله)، ومدح بها المؤمنين إذ وصفهم بها فقال:(وأمرهم شورى بينهم)
٥ - النصيحة: ويدخل فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقد عني بأمرها الإسلام فجعلها من الدين، قال عليه الصلاة والسلام: الدين النصيحة، قالوا لمن يا رسول الله؟ قال لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. ولعن الله بني إسرائيل لأنهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، وقال لبئس ما كانوا يفعلون. وقال عليه السلام: إن الله يرضى لكم ثلاثاً ثم ذكر منها: أن تناصحوا من ولاه الله أمركم