والنظام والديمقراطية والقومية والعالمية في حياة الجماعة. يجب أن يكون ذلك الخطوة الأولى التي نخطوها لتنشئة المثل الأعلى - هل نؤمن بكل هؤلاء؟ أنؤمن ببعضها ولا نؤمن بالبعض الآخر؟ هل ينبغي أن يكون إيماننا من النوع الفلسفي الفعال أم من النوع النفسي الكاذب؟ كل ذلك يجب أن نقرره قبل أن نقيم بناءنا، فإذا استوت نفوسنا على الإيمان خلقنا فكرة لها أثر في العمل، وكونا عقيدة لها سلطان على السلوك
ولعل أول ما ينبغي أن نعني به في مثل هذا السبيل هو تنشئة الفرد. وقد أسلفنا أن تلك الدراسات المتشككة قد أنكرت ما للفرد من وزن في حياة الجماعة حتى لقد أصبح الفرد يحتمي في نتائج تلك الدراسات، فيرى نفسه غير مسئول عن الحالة السيئة التي وجد نفسه فيها. وإذا كان مثل هذا الاتجاه قد أساء إلى الحياة السياسية والاجتماعية في الغرب، فإنه يفسد حياتنا العامة نحن أيضاً. وهو عندنا أفدح أثراً، لأن الفرد من نفسه مضعضع مستضعف. فنحن إذن نبدأ بتنشئة الفرد، لأن التنظيم العقلي عند الفرد أساس للنظام الاجتماعي العام. فبين عقلية الفرد وبين نظام الجماعة صلات تتوثق وتتوافق كلما أحسنت تنشئة الفرد. ولذلك فلابد لنا من أن نلقنه فلسفة يقيم بها قيماً ثابتة في حياته. فلابد لنا من أن نكمل الدراسات التجريبية التي ذكرنا بدراسة الفلسفة الخلقية. ولابد لنا من أن نقيم أسساً لخلق الفرد من تربيتنا العامة ومن معايير خلقية خاصة نكمل بها دراساتنا في التاريخ والاقتصاد والاجتماع وعلم النفس
ثم علينا بعد ذلك أن نخفف كثيراً من غلوائنا في تقدير الجماعة ما لها وما عليها، لأن هذا في نظرنا قد بعث سورة الشك التي أخذت بأكظام السياسيين والمفكرين في العصر الحاضر. وإذا نحن حاولنا أن نتخذ طريقاً وسطاً بين الفرد والجماعة استطعنا أن نجد خطة مثلى تداول بين الطرفين. ولا مناص هنا أيضاً من أن نضم أصول الفلسفة السياسية إلى أصول الاقتصاد، وأن نتخذ من ذلك الائتلاف معايير نطبقها على مبادئ السياسة والخلق العام. فإذا نحن خلقنا من كل ذلك فلسفة خلقية أو سياسية عامة كان ذلك كسباً في سبيل المثل الأعلى
وبعد، فإننا إذا تصفحنا تاريخ العقائد، وإذا حاولنا أن نستخرج منها فلسفة خلقية أو سياسية، فلن نجد خيراُ من المثل العليا التي تنزل بها الإسلام. وقد بدأ الإسلام والعالم في مثل ما