للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أسرعن في التعبير عن أفكارهن أو تقدمت الألفاظ عندهن على الفكر. وقد يملن إلى الاطلاع ويرغبن في الكشف عن خوافي الأمور، إلا أن ميلهن هذا بعيد جداً عن محبةالعلم، فهن يرغبن في المعرفة لا للمعرفة نفسها بل لحاجة في نفوسهن تدفعهن إلى الحديث. وإذا رغبن في شيء مجرداً عن المنفعة المباشرة رضين بالقليل منه واكتفين باليسير. قلت لطفل مرة: إذا أعطيتك ثلاث برتقالات وأخذت منها واحدة فكم يبقى معك منها؟ فقال على الفور: كيف تقول لي انك أعطيتني ثلاث برتقالات وأنت حتى الآن لم تعطني شيئاً؟ فالمرأة الطفل لا تختلف عن هذا الطفل في طلب العلم. إنها تفضل المحسوس على المجرد، والقريب النفع على البعيد القصد. فهي إذا مثل هذا الطفل الذي لا يعرف الحساب إلا إذا تذوق حلاوة البرتقالة

٢ - المرأة الحساسة: يختلف هذا النوع عن الأول بشدة العاطفة وعمق الشعور وتغلب القلب على العقل. إن المرأة الحساسة لا تقيس الأشياء إلا بمقياس العاطفة ولا تزنها إلا بميزان الهوى. فكل ما وافق هوى من نفسها صحيح، وكل ما أعرضت عنه فاسد. لقد جاء في بعض روايات (جورج ساند) شيء من صفات هذه المرأة. إنها تنسى هواها القديم عند وقوعها في الهوى الجديد، ولا تهتم بوقوعها في التناقض وانتقالها من ضد إلى آخر. نعم إن الرجل نفسه خاضع لمنطق العواطف ولكنه يحاول في كل حال من أحواله أن يبرر عواطفه ويجعل هواه معقولاً. مثال ذلك: أن (ألسست) يقول عن نفسه انه لا يحب سيليمين إلا ليرجع إليها الفضيلة المفقودة، فهو إذا يجد لهواه سبباً معقولا. أما المرأة فلا تهتم بهذه الوسواس ولا تميل إلى سفسطة التشكك، بل تعلن الأمر كما هو؛ فإذا كرهت رجلاً كان قلبها وحده مبرراً لها في كرهها، وإذا أحبت شخصاً لن تبحث عن الأسباب الباعثة على تعلقها به، بل تصغي إلى نداء قلبها من غير أن تجد حاجة لتحكيم العقل. إن هذا النوع من النساء شبيه بالنوع الأول في خوفه من التجريد، وعدم ميله إلى الحق. إن فكرة العدالة مفقودة عند هذين النوعين، والنساء على الأغلب لا يملن إلى العدالة المجردة، بل يفضلن عليها عدالة القلب. من ذا الذي يستطيع أن يقنع الوالدة أن ابنها لا يستحق النجاح في الفحص؟ العدالة ضيقة النطاق، وقلب المرأة أوسع من أن يتقيد بهذه الحدود الضيقة. قد تكون العواطف للعقل نوراً وللإرادة قوة، وقد يبعث الهوى على التضحية

<<  <  ج:
ص:  >  >>