الخالصة فيذهب إلى ما وراء العدالة ويكشف الحجاب عن ذخائر القلب فينشرها ويذيعها ولكنه كثيراً ما يشوش أحكام العقل فيملأها ظلاماً.
٣ - المرأة الحساسة الذكية: وقد تكون العاطفة مصحوبة بقوة من الذكاء خفية لا تخلو من الدقة وحدس الحياة، فتربط المرأة عواطفها بأفكارها وتريد أن تتغلب بها على مشاكل الحياة. إن هذا النوع من النساء قوي الملاحظة والانتباه والذاكرة، واسع الخيال شديد الحس، إلا أن قوة الحكم عنده مشوبة بدخان العاطفة وسائق الغريزة. لذلك تجده قوي الشعور بالمنفعة كثير الميل إلى العمل. كالزوجة التي تشعر بالرابط الاجتماعي وتقدره حق قدره وتبدل بعواطفها العفوية بالفكرة الاجتماعية أو الخلقية أو الدينية؛ وكالوالدة التي تدرك نظام الحياة فتتصور مثلا أعلى له ثم تهيئ أولادها للفوز في هذا النظام الجديد؛ فهي تشعر بمشاكل الحياة وتريد أن تتغلب عليها بقوة الذكاء والإرادة. فكم شاب لم يتطلع إلى المعالي إلا بتأثير والدته! وكم رجل لم يقدم على المغامرات السياسية أو المالية إلا بدافع من زوجته! وكثيراً ما تكون المرأة هي القوة المحركة والدماغ المفكر والعقل المدبر، ويكون الرجل هو الإله المتحركة والواسطة المبلغة.
٤ - المرأة المفكرة: إن هذا النوع الأخير اقرب إلى الاهتمام بالمباحث العلمية من الأنواع السابقة فهو محب للاطلاع ميال إلى المعرفة؛ إلا أنه كثيراً ما يضطرب أمام إشراق الفكر ويعجز جسمه اللطيف عن تحمل أعباء البحث. والسبب في ذلك أن النساء عشن حقباً طويلة تحت وصاية الرجال بعيدات عن الحرية والحياة، فلا غرو إذا ترددن في البحث وشعرن بالقلق في فضاء الفكر. وبالرغم من ذلك فان البنات اكثر اتباعاً للنظام من الصبيان. وقلما تجد فتاة تفضل الكسل عن الاجتهاد، بل إن اكثر البنات يصغين إلى أساتذتهن ويكتبن الامالي، ويحفظن دروسهن؛ إلا أنهن لا يزلن حتى الآن اقل جرأة فكرية من الصبيان، لأنهن يعتمدن على الذاكرة اكثر مما يعتمدن على قوة الحكم. وقد تبين لعلماء العصر أن استعداد المرأة للرياضيات قوي جداً وأن في وسعها أن تتعود التفكير المجرد، إلا أنها لا تزال قليلة الثقة بنفسها فلا تبحث إلا في الأشياء العملية النافعة أو في الأمور المحددة. ومع أن مدام بير كوري قد توصلت في العلوم التجريبية إلى درجة عالية فأن تلميذات فرع العلوم في الجامعات اقل ثقة بنفوسهن من التلاميذ، لان التجريب العلمي