(سطيح هذا الكاهن الذئبي من بني ذئب كان يتكهن في الجاهلية، سمي بذلك لأنه لم يكن بين مفاصله قصب تعمده، فكان أبداً منبسطاً منسطحاً على الأرض لا يقدر على قيام ولا قعود، ويقال: كان لا عظم فيه سوى رأسه)
وقال الثعالبي في (ثمار القلوب في المضاف والمنسوب):
(سطيح الكاهن كان يطوى كما تطوى الحصير، ويتكلم بكل أعجوبة في الكهانة؛ وكذلك شق الكاهن، وكان نصف إنسان)
وقال الزبيدي في (تاج العروس): (شق كاهن قديم معروف قاله أبن دريد، وحديثه مستوفي في الروض للسهيلي، وإنما سمى لأنه شقاً واحداً، وكان في زمن كسرى أنوشروان)
وقال الشريشي في (شرح المقامات الحريرية)
(سطيح الغساني أكهن الناس، كان يدرج جسده كما يدرج الثوب خلا جمجمة رأسه، وإذا مست باليد أثرت فيه للين عظمها)
وقد زلق قلم أبن خلدون فقال:(كان سطيح يدرج كما يدرج الثوب، ولا عظم فيه إلا الجمجمة) وكأنه أستحي أن يذكر أن شقا كان شقا: ذا يد واحدة وعين واحدة ورجل واحدة. . . فلم يعرفه بلحيته.
وأسطورتا هذين الكائنين العجيبين اللتان أشار إليهما ابن خلدون - ذكرهما مؤرخون ضالون كثيرون، وأدباء ناقلون غير محققين، ومفسرون ومحدثون، منهم ابن اسحق صاحب السيرة، وابن عبد ربه في العقد، والماوردي في أعلام النبوة، والرازي في مفاتيح الغيب، وابن منظور في اللسان، وأبن عربي في محاضرة الأبرار، والألوسي في بلوغ الأرب وغيرهم. ومما قيل في الأسطورة الأولى، وهو من (سيرة) ابن هشام:
(إن ربيعة بن نصر ملك اليمن رأى رؤيا هالته، فقال سطيح في تأويلها: أحلف بما بين الحرتين من حنش، لتهبطن أرضكم الحبش، فليملكن ما بين أبين إلى جرش. فقال له الملك: فمتى هو كائن؟ أو في زماني هذا أم بعده؟ قال: لا، بل بعده بحين، أكثر من ستين أو سبعين، يمضين من السنين. قال: أفيدوم ذلك من ملكهم أم ينقطع؟ قال: لا، ينقطع لبضع وسبعين من السنين، ثم يقتلون ويخرجون منها هاربين. قال: ومن يلي ذلك من قتلهم وإخراجهم قال: يليه أرم بن ذي يزن، يخرج عليهم من عدن، فلا يترك أحداً منهم باليمن.