قال الكشاف:(أي هو (عالم الغيب) فلا (يظهر) فلا يطلع و (من رسول) تبيين لمن أرتضى، يعني أنه لا يطلع على الغيب إلا المرتضي الذي هو مصطفى للنبوة خاصة لا كل مرتضى، وفي هذا إبطال للكرامات لأن الذين تضاف إليهم - وإن كانوا أولياء مرتضين فليسوا برسل، وقد خص الله الرسل من بين المرتضين بالاطلاع على الغيب. وإبطال الكهانة والتنجيم لأن أصحابها أبعد شيء من الارتضاء وأدخله في السخط (فانه يسلك من بين يديه) يدي من أرتضى للرسالة (ومن خلفه رصداً) حفظة يحفظونه من الشياطين يطردونهم عنه، ويعصمونه من وساوسهم وتخاليطهم حتى يبلغ ما أوحي به إليه (ليعلم) الله (أن قد أبلغوا رسالات ربهم) يعني الأنبياء ليبلغوا رسالات ربهم كما هي محروسة من الزيادة والنقصان)
والغيب في كلام الله هو الوحي، وحي النبوة كما قال الزمخشري:(حتى يبلغ ما أوحي به إليه) لا كل غيب كما يظهر من كلام (الكشاف) في أول تفسيره. وقد جاء في (فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير): (وهو ما يتعلق برسالته كالمعجزة وأحكام التكاليف وجزاء الأعمال وما بينه من أحوال الآخرة لا ما يتعلق برسالته من الغيوب كوقت قيام الساعة ونحوه) وجاء في (جامع البيان) - وهو تفسير أبن جرير الطبري:(فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من أرتضى من رسول فأعلم الله (سبحانه) الرسل من الغيب الوحي؛ أظهرهم عليه بما أوحي إليهم من غيبه، وما يحكم الله فانه لا يعلم ذلك غيره. قال أبن زيد:(ينزل من غيبه ما شاء على الأنبياء، أنزل على رسول الله الغيب القرآن، وحدثنا فيه بالغيب، بما يكون يوم القيامة)
وفي (موضوعات على القارئ):
(قد جاهر بالكذب بعض من يدعي العلم في زماننا وهو متشبع بما لم يعط أن رسول الله كان يعلم متى تقوم الساعة. وهؤلاء الغلاة عندهم أن رسول الله منطبق على علم الله سواء بسواء، فكل ما يعلمه الله يعلمه رسوله، والله تعالى يقول: (وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مَرَدوا على النفاق لا تعلمهم، نحن نعلمهم؛ سنعذبهم مرتين ثم يُردُّون إلى عذاب عظيم) وهذا في (براءة) وهي من أواخر ما نزل من القرآن. هذا والمنافقون جيرانه في المدينة)