الأسلاف الوحشية كمعرفة أصل الكلاب مثلا. ولكن ذلك لا يقلل شيئا من قوة الحجة القائلة إذا تمكن الإنسان من إيجاد ضروب عديدة من الحيوان والنبات في وقت قصير فكيف لا تستطيع الطبيعة ذلك في وقت طويل جداً؟. . . والآن يجب إلا نغفل عن أمرين مهمين: أولهما أن الإنسان لا يبتدع الضروب الجديدة بل ينتظر ظهورها، وثانيهما أن القوى المؤثرة في الطبيعة التي تماثل عمل الإنسان في الاستئصال والتهذيب هي التناحر على البقاء ونزوع المخلوق إلى الحياة.
مصدر القوة
عندما يمضي العالم الطبيعي في تمحيص انواع مختلفة من الحيوانات القريبة من بعضها حسب الظاهر يجد تغايرات مدهشة جداً، وسرعان ما يلاحظ أن بعض العضويات وحتى بعض الأعضاء هي أكثر عرضة للتغاير من البعض الأخر. وتدلنا جميع الحقائق المستقرأة بالمشاهدة على أن قابلية التغيير هي من أميز صفات الكائنات الحية. والواقع إننا لا نستطيع ان نجد طائرين يتشابهان تشابها تاما بحيث يعسر علينا تفريق أحدهما عن الأخر. فالأخوان يختلفان عن بعضهما بالرغم من تولدهما من أرومة واحدة. ويذكر لنل البروفسور لوتسي انه رأى في متحف (ليدن) نحوا من ٢٠٠ ضرب من طيور الباز لا يوجد بين اثنين منها تشابه تام. وكذلك نعرف عن بعض المرجان المركب أن بنية الأفراد فيها تختلف باختلاف الأغصان في المستعمرة الواحدة. على أن مصدر التغيير كائن في الماكينة العضوية دفين بين تضاعيفها. ويجب على الباحث ان يميز الفروق الخارجية التي يمكن إرجاعها إلى خصائص المحيط أو الغذاء عن الفروق الداخلية أو الموروثة التي يظهر انها تتقدم من الباطن، ويطلق على الأخيرة فقط تعبير (التغايرات) أو (التغيرات الفجائية) إذا نشأت بصورة فجائية.
ارتقاء الحياة
من المحتمل أن كائنات حية كانت تعيش على اليابسة وفي المياه إلى مدة تزيد على المائة مليون سنة، ولكنها لم ترتق في ذلك الوقت كثيرا لأسباب ترجع أولاً إلى المحيط. إن تقدم الحياة مشهد بليغ وصفه لوتز وهو احد علماء الحياة ايضا، بقوله (انه كالنغمة المطربة