وفي أثناء الطريق عاد صوابي، وقد عجبت من أن يعود بهذه السرعة، ولكن قلب المحب له أحوال. . . وتذكرت أن ما وقع من ليلى غير مستغرب من النساء، فإن من هوى المرأة أن تجحد الجميل. تذكرت أن للمرأة يؤنسها ويعجبها ويرضيها أن تنكر على الرجل كل شيء، وهي تجد لذة في الجحود وتستروح به كما تستروح بعض الأفاعي بسواد الليل
وتذكرت أخطائي في معاملة النساء، فقد كنت دائماً أعامل النساء معاملة وحشية، لأنني عشت دهرى مدللاً بين الملاح، ولكن هذا الدلال كانت له عواقب سود، فقد أضاع علي فرصة سأندبها ما حييت: أضاع على المرأة الجميلة التي اتصلت بها منذ سنين بشارع الباطنية، المرأة التي قسم الله جسمها أجمل تقسيم، وصاغها على افضل نظام؛ المرأة التي كانت تقول في كل لحظة: إيش سويت لي؟ إيش صنعت لي؟ وكنت يومئذ جاهلاً. وأي جهل أقبح من دعوة المرأة إلى حفظ الجميل؟ وقد حملني هذا الجهل على هجر تلك المرأة بقسوة وعنف. . . ثم تطلع إليها القلب بعد ذلك، ولكني وأحر قلباه عرفت أن رجلاً تزوجها ونقلها إلى دمياط
وكانت تلك المرأة على جانب عظيم من العفاف؛ ولكني لا أزال أسأل: كيف كان يجوز في شريعتها أن تتمدد أمامي على السرير في غير ريبة؟ وكيف كان يطيب لها أن تعرض علي محاسن جسمها في غير سوء؟
أحب أن أعرف ما اختلف وما ائتلف من سرائر النساء، فمتى أعرف؟
أخشى أن يكون مصيري مصير الفراء الذي مات وفي نفسه شيء من حتى! والعشاق كالنحويين يموتون وفي أنفسهم أشياء
وحالي أغرب الأحوال، لأني نحوي وعاشق.
وتذكرت أن ليلى كانت قد رقت ولطفت في الأيام الأخيرة، فكنت أنعم منها بفنون من الأنس لا تحيط بها أوهام ولا ظنون. وتذكرت أني سأكون ألأم الناس إذا نسيت تلك المعاني الوجدانية التي كنت أتلقاها من عيني ليلى في كل لقاء، وتذكرت أنها عراقية، وأهل العراق كأهل بدر تغفر لهم جميع الذنوب