وكم كانت دهشتهما عند ما علما أن بالورقة أمراً كريماً بتعيين إبراهيم عضواً في مجلس الاستئناف براتب شهري قدره أربعون جنيهاً، وبصرف أربعة آلاف جنيه لعبد السلام ليسدد ما عليهما من ديون، وليتمكن من إقامة ما أعوج من شئون التجارة، وبالإنعام على كل منهما برتبة بك من الدرجة الثانية
ولم يكتف إسماعيل باشا بكل هذا، بل أبى عليه كرمه إلا أن يصدر أوامره إلى جميع من في قصوره من النساء بأن يعدلن عن لبس الأنسجة الأوربية إلى الأنسجة المصرية من صنع المويلحي، وألا يدخل تشريفات السيدات سيدة مرتدية غير هذه المنسوجات، كما أمر بصنع كمية كبيرة منها لإرسالها إلى معرض فينا في تلك الأيام
وما زال المترجم له في وظيفته بمجلس الاستئناف حتى آلت رياسته إلى المرحوم (حيدر باشا يكن) فوقع بينهما شقاق انتهى باستقالة (إبراهيم بك)
ولكن عناية الخديو إسماعيل ما زالت ترعاه؛ فأمر بإعطائه مصلحة تمغة (المشغولات والمنسوجات) على سبيل الالتزام (الاحتكار) على أن يؤدي للحكومة جعلا
ولما سقطت وزارة (نوبار باشا) سنة ١٢٩٦هـ سنة ١٨٧٩م التي كان فيها عضوان أجنبيان، وخلفتها وزارة (شريف باشا) المعروفة باسم الوزارة الوطنية، وهمت بإنشاء اللائحة الوطنية لتأسيس مبادئ الحكومة الدستورية - وقع الاختيار على المترجم له لوضع هذه اللائحة
ولما أن استقرت الوزارة الجديدة طلب المرحوم (راغب باشا) ناظر المالية وقتئذ من الخديو إسماعيل أن يكون إبراهيم بك معه في المالية لما يتوسمه فيه من النجابة والنباهة وعلو الهمة وسداد الرأي، فلم يمانع الخديو وسر بهذا الاختيار، وأصدر الأمر بتعيينه ناظراً للقلم العربي بها. وهنا تجلى نبوغه وظهرت جدارته فأحيلت إليه نظارة قلم (العرضحالات) مع ملاحظة (قلم تركي المالية) وعين عضواً في مجلس تسديد الديون السائرة
ولما تنازل الخديو عن العرش سنة ١٨٧٩ م كما هو معروف، وصدرت أوامر السلطان بنفيه، طلب الإذن من السلطان بالإقامة في استانبول أو أزمير، فلم يصادف هذا الطلب قبولاً. فلما علم الملك (أومبرتو ملك إيطاليا بهذا الرفض، طيب خاطر صديق والده، ووضع تحت تصرفه سراي (الفافوريتا بضواحي نابولي