على أن هذا النفي لم ينسه ذكر إبراهيم فبعث يستقدمه إليه. فلبى إبراهيم الأمر، واستعفى من مناصبه وظل في معية إسماعيل بضع سنوات كان يقوم في أثنائها بوظيفة كاتب يده (سكرتيره العربي) يكتب عنه الرسائل إلى الملوك والأمراء، كما كان يقوم بالتدريس لنجله سمو البرنس احمد فؤاد (المغفور له صاحب الجلالة فؤاد الأول) وقد أرسل إبراهيم بك كتاباً إلى أبنه المرحوم السيد محمد بك المويلحي بتاريخ ١٥ مارس سنة ١٨٨٠ يطلب منه الإسراع بإرسال بعض كتب النحو الصغيرة لهذا الغرض
وفي نفس هذه السنة أي سنة ١٨٨٠م أنشأ جريدة (الاتحاد) بإيطاليا، واصدر منها ثلاثة أعداد كانت مقالاتها شديدة اللهجة على سياسة الدولة العلية مما جعل السلطان عبد الحميد يطلب من سفارته بإيطاليا إيفاد مندوب من قبلها لدى الخديو إسماعيل ليرجوه أن يأمر (سكرتيره) بالكف عن نشر تلك الجريدة.
وفي أثناء إقامة الأسرة الخديوية بإيطاليا مرضت إحدى الأميرات من زوجات سمو الخديو إسماعيل (بالروماتزم)، ووصف لها الأطباء بلدة (بورسة) خشية عليها من المكث في الجو الذي هي فيه. فأشكل الأمر على الخديو، وبث همه إلى (سكرتيره) وطلب منه أن يكتب لجلاله السلطان عبد الحميد رسالة يشرح له فيها حالة المريضة بذلك الأسلوب المتين الساحر
فكتب إبراهيم بك رسالته المشهورة عن لسان الخديو إسماعيل التماساً لدخول حرمه الآستانة وأفرغ فيها كل أوتي من بيان
ولما ترجمت وعرضت على السلطان عبد الحميد تأثر بها وأرسل برقية إلى سفيره في إيطاليا بدعوة حرم الخديو إسماعيل إلى الآستانة للاستشفاء بمياه (بورسة) المعدنية
وقد يلذ القارئ أن يطلع على هذه الرسالة وهي رسالة طويلة نقتطف منها ما يأتي:
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى أمير المؤمنين، وإمام المسلمين، وخليفة رسول رب العالمين، أطال الله بقاءه، وجعلني من كل مكروه فداءه. من عبد أكتنفه حرمان الرضا من ولي نعمته، ومالك ناصيته، فساعته شهر، وليلته دهر، وعبرته نهر، وكذلك جواب دعائه جازعاً مما يقاسي من غضب أمير المؤمنين وقد قال الله تعالى حاثاً على العفو (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس. .)