وأمير المؤمنين أولى العالمين في الاقتداء بآي الكتاب العزيز. وإني أتضرع إلى مقام خلافتكم العظمى، وسلطتكم الكبرى متوسلا بجانب صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم أن يلحظ ما اعرضه لدى سدتكم الملوكية بعين الرضا، ولو أن العذر إقرار بالذنب لملأت الصحائف اعذاراً، ولعرضت التوبة ليلا ونهاراً
وهبني يا أمير المؤمنين جئت بكل ذنب. أليس في سعة عفوكم وساحة إحسانكم ما تغفر به الذنوب! وأمير المؤمنين أعلى نظراً أن يؤخذا بقول وهو إفك الوشاة، أو يعاقب بكلام وهو بهتان السعادة، من الذين اتخذوا حرفتهم انهم يحرفون الكلم عن مواضعه، بعد أن أفنيت حياتي لهذا البيت المعمور في خدم قدمتها، وأوامر أطعتها، ونواهي امتثلتها، موالاة جعلتها شرطاً سادساً لديني ومعتقدي، وإتباعاً لقوله تعالى (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم). . . إلى أن قال في آخرها:
(. . . وإني أذكر أمير المؤمنين - فان الذكرى تنفع المؤمنين بقوله تعالى: (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) وإن بين جلالتكم وبين رعيتكم، وهذه المريضة فرد من إفرادهم - الرحم الديني - الذي هو أولى بوجوب الصلة من رحم النسب، قال تعالى:(إنما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون) أي واتقوا في اخوتكم في الدين برعاية عهودكم وحفظ حقوقكم، فعلمنا أن الأخوة الدينية تقتضي مزيد الشفقة والرحمة، ولا معنى للرحمة والشفقة إلا أن تنقذ المؤمن من المهالك، وتؤمنه من المخاوف، وتخلصه من الآفات، وأن توصل إليه المبرات ما استطعت؛ ولا يكمل عبد من الإيمان حتى يجب لأخيه ما يجب لنفسه. وإني أتوسل إلى الله أن يلحق أمير المؤمنين بنزاهته وشفقته ورحمته وعدله وإيمانه ورعايته، ما في يديه من ودائع الله التي هي أرواح المسلمين وأعراضهم. وصمته: الاستمرار على حرمان هذه المريضة من علاجها الممكن؛ فإنها إنما تدخل تحت سطوة السلطنة العظمى وقوة الخلافة الكبرى، في بلدة صغيرة من مماليك الدولة العثمانية
(ولو شاهد أمير المؤمنين هذه المريضة المسكينة وهي سائلتي: بماذا أجاب الخليفة؟ أيرضى أمير المؤمنين أن أقول لها: قد أغضى عن الإجابة!؟ وهو تصريح بهتك الحجاب أو الموت - كبرت كلمة تخرج من الأفواه! - فإذا قالت: فأين الدين والإيمان والحديث