يديه وأجعله شاهدي؛ وهأنذا أعلن أمام الملأ أنني أكون أسعد الناس لو رضيني أبوك زوجاً لك، ويسعدني أن يبارك هذا الشيخ عقد حبنا وصحيفة ارتباطنا!. . .).
ولم يطق الملك على تصرف أبنه صبراً، فانتزع دمامه، وكشف عن حقيقته، ثم صرخ بابنه قائلاً: (بل أشهد على صحيفة طلاقكما أيها الشقي! ما شاء الله يا ولي العهد! لم يبق إلا أن تنسى دمك الملكي فتلطخه بدم هذه الراعية! تلك الغجرية التي استهوت فؤادك وسبت لبك! الويل لك يا فلوريزيل! أني أنذركما معاً! حذار أن يرى أحدكما الآخر، وإلا كان الموت جزاءكما تجرعانه يا شقيين! أتسمع أيها الراعي! ذُد أبنتك عن سيدك أو أدفع رقبتك ثمناً لعصيانك.
ثم أمر كاميللو أن يتبعه مصطحباً فلوريزيل، وامتطى هو جواده، وذهب يعدو به، وكأنه شيطان على فوهة بركان!!
وغلى دم الملكي في عروق برديتا، فوقفت تردد عينيها في أثر الملك وتقول: (ويحك! أيهذا الملك! على هينتك، فوالله ما أزعجتني غضبتك، ووالله لقد هممت أن أقول لك كما قلت لي، وإن الشمس التي تشع بأضوائها على قصرك هي هي التي تشع بلألائها على كوخنا هذا الهادئ الصغير! ولكن! وا أسفاه! لقد أيقظتني لهجتك الجافة ذات الصرير من أحلامي السعيدة التي رفعتني حيناً إلى مصاف الملوك! فيا أحلامي. . . وداعاً. . . . ووداعاً أيها الأمير! وداعاً يا مولاي.! اتركني أرجوك!
اتركني لخرافي ونعاجي الحبيبة أرعاها وأحتلبها. .! وأبكي معها فوق المروج الخضر والعشب الحلو!
وانهمرت عبراتها فجأة، فوجم ولي العهد المعذب، ووقف كاميللو ساهماً متأثراً. . . ثم خطر له أن ينقذ الحبيبين، وأن يصل حبلهما المقدس، لأن قضيتهما من قضايا القلوب التي لا سلطان لأحد عليها، والتي لا تقوى على فصمها حتى يد الموت التي هدد بها الملك المغيظ المغضب
وكان كاميللو قد علم بما كان من حزن ملك صقلية وتوبته وحسن أعذاره وجميل إنابته، بعد موت هرميون، وكان الشوق إلى الوطن والحنين إلى الأهل قد برحا به، ففكر لتوه أن يفر بالحبيبين من وجه ملك بوهيميا، إلى رحاب ملك صقلية، حيث تقي شفاعة ليونتس، من