الدكتور شريف عسيران نسخة من كتاب الأستاذ المقدسي عن أمراء الشعر في العصر العباسي، فأزعجني أن يهتم بابن المعتز وينسى الشريف الرضي، مع أن ديوان ابن المعتز لا يساوي قصيدة واحدة من قصائد الشريف
فمن شاء له هواه أن يزعم أن لي غاية في التعصب للشريف الرضي فليتق الله في نفسه، وليذكر أن الدكتور زكي مبارك لو كان انفق نشاطه في الاتجار بالتراب لأصبح من كبار الأغنياء، ولكنه بلا أسف سيموت فقيراً لأنه أنفق نشاطه في خدمة الأدب العربي
والأدب العربي خليق بأن يكون له شهداء، وأنا في طليعة أولئك الشهداء
سيرى قراء هذا الكتاب أنني جعلت الشريف أفحل شاعر عرفته اللغة العربية، وقد سمع بذلك ناس فذهبوا يقولون في جرائد بغداد: أيكون الشريف أشعر من المتنبي؟
وأستطيع أن أجيب بأن الشريف في كتابي أشعر من المتنبي في أي كتاب. لن يكون المتنبي أشعر من الشريف إلا يوم أؤلف عنه كتاباً مثل هذا الكتاب. والقول الفصل في هذه القضية أن المتنبي في بابه أشعر من الشريف، والشريف في بابه أشعر من المتنبي، وكل عبقري هو في ذاته أعظم الناس لأن ميدانه لا يجاريه فيه أحد سواه، والشريف بهذا المعنى أفحل الشعراء لأنه جرى في ميادين سيظل فارسها السباق على مدى الأجيال
وما الذي يضر أنصار المتنبي حين أُقدَّم عليه الشريف؟ هل فيهم من يحفظ ديوان المتنبي كما أحفظ ديوان المتنبي؟
إن سجلات كلية الآداب بالجامعة المصرية تشهد بأنني كنت أول من دعا إلى الاحتفال بمرور ألف سنة على وفات المتنبي، ولي على ذلك شهود منهم الشيخ السكندري والأستاذ عباس محمود والدكتور منصور فهمي
وما الذي يضر أهل العراق من أن اهتم بشاعر لا يعرف العراقيون موضع قبره على التحقيق؟ أليس من العجائب أن يعرف العراقيون قبر معروف الكرخي ويجهلوا قبر الشريف الرضى؟ أن هذا هو الشاهد على أن العوام أحفظ للجميل من الخواص!
إن كان خصومي في بغداد دهشوا من أن أتعصب لشاعر رضى عنه ناس وغضب عليه ناس فليذكروا أنني كنت كذلك طول حياتي فوضعت بالنقد قوماً ورفعت آخرين، وفقاً للحق لا طوعاً للأهواء