وبعد ساعة تقريباً اقتيد إبراهيم بك إلى غرفة التحقيقات وابتدئ بتفتيشه فلم يعثروا على شئ، وبعد مناقشات طويلة أسفر التحقيق عن براءته مما جاء في تقرير الجاسوس، وطير الخبر إلى جلالة السلطان فأمر باستدعائه إلى (المابين)، وأنعم عليه بالرتبة الأولى من الصنف الثاني سنة ١٣١١هـ - ١٨٩٣م. وصاحبها يلقب (بسعادتلو أفندم) وهي توازي رتبة الميرميران الملكية التي يلقب صاحبها بلقب (باشا)
وفي نفس هذه السنة قدم الخديو (عباس الثاني) ومعه بعض الوجهاء من المصريين لزيارة الآستانة والتشرف بمقابلة جلالة السلطان (لعرض الشكر والعبودية على أعتاب الخلافة السنية) فرأى إبراهيم بك من واجبه كمصري مقيم في استنبول أن يتشرف بمقابلة سمو الخديو عباس، فذهب إلى القصر الكائن (بدفتر دار بروني) الذي يقيم فيه سموه، ولكن (محمود باشا شكري) أشار على سمو الخديو عباس باشا الثاني لشيء في نفسه من جهة إبراهيم أن يمتنع عن مقابلته تجنباً لخطره وسطوة قلمه. فسوف الخديو تحت هذا التأثير مقابلة إبراهيم الذي خرج حامقاً والشرر يتطاير من عينيه!
ولما كان يعلم أن جلالة السلطان سيدعو سمو الخديو والوفد الذي جاء معه إلى سراي (بلدز) مرت بخاطره فكرة جهنمية يستطيع بها تحريك غضب عبد الحميد عليهم أجمعين! فحرر عريضة من تلقاء نفسه اختلقها اختلاقاً، كأن هؤلاء الوجهاء يرومون رفعها إلى الأعتاب الشاهانية وبعث بها إلى المقطم فنشرها، والتقطتها التلغرافات الأجنبية وترجمتها الصحف الإنجليزية وعلقت عليها ما شاءت أن تعلق، وذهب سفير إنجلترا في تركيا بأمر من رئيس الوزارة الإنجليزية إلى الصدر الأعظم ليستفسر عما أجاب به السلطان على هذه العريضة التي قد تسبب توتر العلاقات بين بريطانيا العظمى والدولة العلية
فحدث من جراء هذه العريضة أن امتنع السلطان عن الإنعامات التي كان يرغب في الإنعام بها على من كان بمعية سمو الخديو كما هي العادة في مثل هذه الظروف، إرضاء لخاطر إنجلترا حتى لا تعتقد أن لهذه العريضة أثراً في نفسه
وإليك صورة هذه العريضة بعد ديباجة الحمد والثناء:
(إن الله عز وجل نظر إلى العالم نظرة رحمة فاختارك يا أمير المؤمنين من بين البرية خليفة على عباده، وجمع فيك شرائط الخلافة وبسط لك من القوة والسطوة، وآتاك من