الحزم والعزم وأصالة الرأي ما يفتخر به هذا العصر على سائر الأعصار، وقرن طاعتك بطاعته وطاعة نبيه في كتابه العزيز، وجعل حبك إيماناً والخروج عن أمرك مروقاً من الدين، وحبب إليك الإقدام لمصلحة الإسلام. دأب الخلفاء السابقين، وأودع في يديك أرواح المسلمين وأموالهم تحكم فيها عن رضى وتسليم منهم. وقد عاهدوك على بذل دمائهم في طاعتك بأيمان البيعة التي ربط الله بها لك القلوب على المحبة في خلواتها ونجواها
فالمسلمون كلهم قاصيهم ودانيهم مجمعون على الانقياد لك في السر والعلانية لا يميل بهم عن هذه السنن قول ولا فعل لتوقف سعادتهم على طاعتك في الدنيا والآخرة
هذا ما جعل الله لك يا أمير المؤمنين، وقد جعل لهم بهذا من جانب جلالتك أن تكلأ بيقظاتك بلاد الإسلام بعيدها وقريبها من طوارئ السوء وغوائل الشر على نسق واحد لا فرق بين مطلقها وممتازها، وأن تدفع عنها كل سائل ومحتال، وأن تذود عنها بالحجة والسيف والقلم وما يمكن أن يدافع به مادياً ومعنوياً
هذه مصر - أيد الله بك مقام الخلافة، وثبت بك أركان السلطنة، ونصرك النصر الوشيك - فريدة التاج العثماني، والقسم الأكبر من السلطنة السنية والطريق الأعظم إلى الحرمين الشريفين. قد أصبحت تمديد الفزع الصارخ إلى عظمتك، وتنظر كالمغشي عليه من الموت إلى حياتها في يدك الكريمة؛ فامنن عليها بالحياة يا أمير المؤمنين، وخلصها ممن تجاسر على حوزة الإسلام بلا حجة ولا قوة، وفي يد جلالتك الحجة والقوة، وهذه أرواحنا رهينة ثلاثة أحرف من عظمتك، فأمرنا بما تريد لنخلص الإسلام المتخبط في تلك الإشراك. وقد بقينا يا أمير المؤمنين سنين عدة معلقين لا ندري أنحن تحت حكم الخلافة والسلطنة السنية فتطمئن قلوبنا، أم تحت حكم هذا الذي دخل في يوم على وعد أن يخرج في غده فبقي إلى الآن تخفق راياته على مساجد المسلمين في بلد هي عش الأولياء ومرقد آل البيت النبوي ومجد جدك السلطان سليم خان؛ فطفق هذا الداخل يستهوينا باسم الحرية التي لا توافق قيودنا الدينية ولا عاداتنا الأدبية فمال إليه جماعة منا، ويوشك أن استمر في سيرة أن يفسد الحاسيات والأخلاق بهذا التساوي المخالف للتفضيل الإلهي
فالآن قد وفدنا على دار الخلافة مع سمو وكيلك المطبوع على محبة جلالتك، المفتخر بنظرات الرضى عليه من ألطاف عظمتك، الواقف موقف السمع والطاعة لأوامرك، راجين