من السدة السنية إجراء الوسائط الفعالة لإخراج هذا الداخل على وطننا وإبعاده عن الأراضي المقدسة التي يدأبون على التدخل فيها، فأنهم إذا استمرا - لا قدر الله - في البقاء بمصر سهل عليهم الدخول فيها وفي غيرها لطبيعة الموقع
ونسأل الله أن يؤيد جلالة مولانا الخليفة الأعظم وينصره على الباغين)
وفي أوائل سنة ١٨٩٥م سئم العيشة في جو استنبول المكتظ بالجواسيس المختنق بالفتن والوشايات وشعر بالحنين إلى وطنه بعد طول الغربة. فعزم على الرحيل إلى مصر ودبر طريقة سفره في الخفاء على باخرة بخارية قادته إلى الإسكندرية
ولما علم جلالة السلطان عبد الحميد بخبر اختفائه وسفره إلى مصر بدون أن يقدم استقالته، بعث يستعلم بواسطة (مختار باشا) المندوب فوق العادة للباب العالي عن السبب الذي جعل إبراهيم بك يترك وظيفته في (أنجمن المعارف)
فأبدى إبراهيم أسفه لمختار باشا وافهمه أن قدومه إلى مصر إنما هو من باب الحنين إلى الوطن والشوق إلى رؤية ابنيه (محمد) و (خليل)، وأنه لا يدري كيف يشكر السلطات على نعمه
ولما كان إبراهيم بك مشغوفا بالتحرير أخذ ينشر في المقطم من وقت إلى آخر مقالته الانتقادية فيما رآه في الآستانة العلية مدة إقامته فيه تحت عنوان (ما هنالك) ثم جمعها وطبعها كتابا سنة ١٨٩٦ ميلادية. فبعث السلطان عبد الحميد بأمره بإرسال جميع النسخ التي في حيازته إلى (المابين)! فخضع إبراهيم لأمر جلالته وأرسلها جميعاً إليه ما عدا بضع نسخ كان قد وزعها على عائلته وأصدقائه. لذلك يندر وجوده
وفي سنة ١٨٩٨م أنشأ جريدة أسبوعية سماها (مصباح الشرق) وقفها على خدمة الأدب ونصرة الدين والدفاع عن حقوق الدولة العلية. وكان يعاونه في تحريرها أبنه السيد محمد بك المويلحي. وكان طلاب الأزهر يقفون على باب المطبعة الساعات الطويلة ينتظرون صدور أعدادها بفارغ الصبر، وكانت تباع بقرش صاغ واحد، وكان يعز مطلبها في اليوم الثاني من صدورها حتى كانت تشترى بخمسة قروش
وكان إبراهيم بك يسافر من وقت إلى آخر للآستانة لمرض ولائه على الأعتاب الشاهانية، وليتسنى له الإطلاع بنفسه على ما في الجو السياسي من أخبار، فكان في كل مرة يعود