على ما غمرتني به من عطف، وسأمر اليوم في طريقي إلى المحطة وأترك لها بطاقة اذكر فيها أسفي وشكري ووداعي.
مختار: هذا حسن، ولكن الأحسن منه أن تذهب اليها بعد نصف ساعة. لأنها ستنتظرني للشاي في الساعة الخامسة والنصف والسعة الآن الخامسة: فتعال بعد نصف ساعة نشرب الشاي معها ثم تستأذنها في السفر وتنصرف. لديك من الوقت متسع، فان القطار الذي سيقلك إلى الإسكندرية يتحرك في تمام الساعة السابعة.
فايد: أسفي لا يقدر! لأني في انتظار من لابد لي من مقابلتهم قبل سفري. أرجو أن تشرح لها عذري، وان تحتفظ لي بصداقتها التي لها عندي أرفع منزلة. وإن وجدت بعد عودتي أن مكانتي عندها لم تتغير، أعدك إني حينئذ أبذل قصارى جهدي لأكسب عطفها ورضاها.
مختار: ليكن، سأجتهد في فعل ما تريد.
إحسان: تصريحك يا مختار بك بأن لابد لك أن تراها كل يوم يبرهن على أن لصداقتها مكانة رفيعة عندك.
مختار: صداقتها هي غاية حياتي، هي قوتي، هي هنائي. نتقابل كل يوم اما للغداء أو للشاي. هذا إذا لم أقض سهرتي في مجلسها السعيد.
إحسان: أقديمة معرفتك بها؟
مختار: عرفتها منذ خمسة أعوام عندما تزوج منها صديقي المرحوم رجب باشا، فاستولت على قلبي بصراحتها وسامي عواطفها. فلما توفي الباشا زوجها شاركتها في أحزانها، وبذلت جهدي في التخفيف من آلامها. ودأبت على خدمتها في خضوع وإخلاص حتى اتخذتني صديقا لها وكشفت لي عن قلبها فرأيت العفة والكمال والطيبة وحسن الخصال والعطف والحنان، والآن مضى على عامان وأنا سعيد بصداقتها واثق من إخلاصها ووفائها.
إحسان: إلا ترغب هي في الزواج؟
مختار: كلا. وقد صرحت لي انها ستبقى وفية لذكرى من أحبته وأحبها ولن يكون لها زوج غيره.